وداعا .. معبودة الجماهير

كتبت : صفاء عزب / القاهرة 

عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما رحلت عن عالمنا في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر الفنانة الكبيرة شادية صاحبة العديد من الألقاب منها “صوت مصر ” و” الدلوعة “و”فؤادة “و” معبودة الجماهير”  وذلك بعد صراع طويل مع المرض . وكانت الراحلة واسمها الأصلي فاطمة أحمد شاكر قد أصيبت بجلطة دماغية دخلت على إثرها أحد المستشفيات الكبرى في مطلع شهر وفاتها ومع تدهور حالتها تم نقلها إلى مستشفى الجلاء العسكري المصري لتوفير عناية فائقة بها إلا أن إصابتها بالتهاب رئوي حاد أدى إلى حدوث فشل في التنفس ما أدى لوفاتها بحسب تصريحات طبيبها المعالج الدكتور مجد فؤاد زكريا أستاذ المخ والأعصاب بالمستشفى . وعلى الرغم من اعتزالها منذ أكثر من 30 عاما وابتعادها عن الأضواء ورفضها الظهور في الإعلام وفي أي فاعليات فنية ، إلا أنها تحظى بشعبية جماهيرية كبيرة على كل المستويات الشعبية والثقافية والفنية والرسمية أيضا . حتى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيس قام والسيدة قرينته بزيارة خاصة لها في المستشفى العسكري قبل رحيلها بأيام واحترم رغبة أسرتها في أن تكون الزيارة بعيدة عن الأضواء .

أصاب خبر وفاة شادية أحزان المصريين على جميع أطيافهم خاصة وأنهم ارتبطوا بها من خلال أعمالها الشهيرة والتى تركت بصمات عميقة في وجدانهم منها “معبودة الجماهير” و”نحن لا نزرع الشوك” و” المرأة المجهولة ” والتي جسدت فيه دور سيدة عجوز باقتدار كبير رغم صغر سنها . ولازال دورفؤادة الذي جسدته  في “شئ من الخوف ”  أمام العملاق محمود مرسي من أهم الأدوار في تاريخ السينما العربية. إلى جانب ذلك تميز صوت شادية بالشجن الجميل والطرب الشجي واشتهرت بتقديمها للعديد من الأعمال الوطنية أشهرها ” يا حبيبتي يا مصر ” و”ادخلوها سالمين ” و” يا أم الصابرين ” فأطلق عليها لقب ” صوت مصر ”

كانت شادية من المطربات القليلات اللائي جمعن بين جمال الصوت والطرب الأصيل وبين الأداء التمثيلي الرفيع والمتقن بشهادة أعمالها الفنية على مدار تاريخها الفني الذي امتد لما يقرب من 40 سنة بدأتها في نهاية الأربعينات تقريبا وقدمت خلالها 112 فيلما شاركت فيها كبار نجوم الفن في مصر والعالم العربي منهم عبد الحليم حافظ ومحمد فوزي وفريد الأطرش واسماعيل ياسين وكمال الشناوي وعماد حمدي وشكري سرحان ويحيى شاهين ومحمود ياسين وأحمد مظهرورشدي أباظة وغيرهم وكان آخر أفلامها “لا تسألني من أنا “. ولم يقتصر نشاطها الفني على الغناء والسينما بل امتد للإذاعة والمسرح فقدمت 10 مسلسلات إذاعية ومسرحية وحيدة مع سهيرالبابلي وعبد المنعم مدبولي وهي ” ريا وسكينة ” والتي حققت نجاحا منقطع النظير لكنها صدمت عشاقها في أعقاب أدائها لآخر أغنياتها ” خد بإيدي ” بقرارها المفاجئ بالإعتزال ومغادرة الساحة الفنية بلا رجعة  ضاربة عرض الحائط بكل المغريات التي عرضت عليها للعدول عن قرارها والذي كان وراؤه الشيخ محمد متولي الشعراوي وعندما تم تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي الكبيرنصحها بعدم الذهاب لتسلم الجائزة فامتثلت لرأيه ورفضت أي ظهور إعلامي أو جماهيري ما أدى إلى انتشار شائعة زواجها من فضيلة الشيخ الشعراوي وهو الأمر الذي أنكره الشعراوي مؤكدا أنه شرف لا يدعيه .

جدير بالذكر أن الفنانة الراحلة شادية تزوجت  ثلاث مرات كان أول أزواجها الفنان “صلاح ذو الفقار” وعاشت معه كزوجة ثانية ثم تزوجت من شخص خارج الحقل الفني وكان الفنان عماد حمدي هو ثالث أزواجها ولم يكتب لأي من هذه الزيجات أن تستمر لأكثر من 3 سنوات كما لم يكتب لها الانجاب إلا أنها عرفت بحبها وحنانها الشديد مع أطفال عائلتها لدرجة أنها غنت في حفل ميلاد إحدى حفيداتها بعد اعتزالها وعرفت بأنها أشهر من غنى للأطفال وللأمومة وكانت أغنياتها تمس القلوب وتنتزع الدموع في بعض الأحيان كأغنية “سيد الحبايب ” كما كانت من أعظم من أدى أدوار الأم على الشاشة .

بعد اعتزالها اختارت شادية أن تعيش حياة عائلية هادئة كأي امرأة بسيطة وتفرغت للعبادات والأعمال الخيرية على مدار 31 سنة منذ اعتزالها عام 1986 وقامت بتأسيس جمعية لرعاية الأيتام  سخرت لها أموالها وكل ما تبقى من حياتها حتى أصابها المرض وتولى رعايتها ابن شقيقها خالد شاكروزوجته التي كانت ترافقها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة .

وكانت الفنانة الراحلة قد أوصت بوصيتين قبيل رحيلها الأولى عند دخولها المستشفى وأوصت بعدم السماح لدخول أي شخص غريب إلى حجرتها مهما كان لأنها لا تريد أن يراها أحد بدون غطاء رأس أما الوصية الأخيرة فكانت طلب بدفنها في مقابر الأسرة بمصر القديمة وأن يصلى عليها في مسجد السيدة نفيسة وسط  حي القاهرة الفاطمية .

 

 

شاهد أيضاً

يا دار

عصمت شاهين دوسكي يا دار مشيت قرب أطلالكهذه الدار ، دار زمانكفأدمعت العين مآقينايا دار …

error: Content is protected !!