الزواج الفاشل وفوبيا العنوسة

زمن جبر صالح

شهد المجتمع العراقي في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة العنوسة، لعدة أسباب تأتي في مقدمتها الظروف الاقتصادية التي تحول دون إقدام الشباب على الارتباط، فحسب تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن نسبة النساء اللاتي لم يتزوجن في الفئة العمرية 35 عامًا فأكثر بلغت 472 ألفًا بنسبة 3.3% من إجمالي عدد الإناث في تلك الفئة العمرية خلال عام 2017.
الاحصائيات والنسب التي تصدر بشكل سنوي ورسمي  ادت الى شعور بعض الفتيات بالخوف، والتوتر من التأخر في الزواج، وهذه  “الفوبيا” من العنوسة، دفعت بعضهن إلى القبول بأول عريس يتقدم لها فيما يعرف بالارتباط السريع، دون التريث في اختيار شريك الحياة ووضع معايير الاختيار الصحيحة التي تقوم على التفاهم والتناسب بين الطرفين.

من اهم اسباب العنوسه هي :
أسباب نفسية

وقالت الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة الطب النفسي ، إن مصطلح العنوسة ناتج عن “فهم وتقدير خاطئ من المجتمعات الشرقية”، مشيرةً إلى أنه “كان يطلق في بداية الأمر على الفتيات اللاتي تجاوزن 40 عامًا، ولكنه أصبح يظهر الآن في سن مبكرة بين فتيات العشرينيات، وهذا أمر غير معتاد بات يهدد هذه الفئة العمرية”.

وأشارت أستاذ الطب النفسي إلى أن “هناك عدة أسباب نفسية تصيب الفتيات بـفوبيا العنوسة، يأتي في مقدمتها الضغط الأسري، حيث تتعرض بعض الفتيات إلى ضغط داخل المنزل من الأم أو الأب والأقارب يتمثل في مقارنة الفتاة بأقاربها اللاتي ارتبطن، مما يجعل البنت تتسرع في اختيار شريك حياتها”.

وأضافت أن إطلاق كلمة عانس من قبل المجتمع “يؤدي إلى خوف الفتيات من العنوسة، لأن هذا اللقب قاسٍ، لكنه يتداول بين أفراد المجتمع بسهولة، مما يدفعها إلى الهروب من العنوسة بأي طريقة”.

وترى د.هبة عيسوي أن “ارتفاع معدلات العنوسة يمثل في حد ذاته ضغطًا على الفتيات، يؤدي إلى القلق من الدخول في دوامة عدم الارتباط”.

أسباب اجتماعية

الدكتورة (ع.م)، أستاذة علم الاجتماع ، حيث تقول إن “فوبيا العنوسة أزمة ثقافية واجتماعية في المجتمع العراقي ، حيث إن إطلاق لقب عانس ناتج من ثقافة خاطئة وانتشرت بالمجتمعات المصرية بشكل سريع”.

وذكرت أستاذة علم الاجتماع أن “تأخر الزواج لكل من البنت والولد شيء واحد، ولكن في المجتمعات الشرقية تلقب الفتاة بلقب عانس بينما الرجل لا يطلق عليه هذا اللقب، وهذه ثقافة خاطئة تظلم الفتيات وتخنق المجتمع”.
السوشيال ميديا

وأِشارت إلى أن “السوشيال ميديا أصبحت من العوامل المؤثرة على الجميع في كل شيء، وخاصة الشباب الذين يوثقون معظم لحظاتهم وينشرونها بالصور على مواقع التواصل الاجتماعي والإنستجرام وغيرها، فانتشرت ظاهرة نشر صور المرتبطين والمخطوبين والمتزوجين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أثر على بعض البنات اللاتي لم يرتبطن بعد، وخاصة بعض بنات سن العشرين اللائي تخرجن في الجامعات ووجدن صديقاتهن ارتبطن فتسارعن إلى الارتباط دون دراسة”.
عادات وتقاليد

فيما لفتت الناشطة في مجال حقوق المرأة الدكتورة عزة كامل إلى أن “خوف الفتاة من تأخر الزواج ناتج عن عادات وتقاليد خاطئة وظالمة للفتاة في المجتمعات الشرقية”، مشيرة إلى أن “هناك قرى وبلادا تحدد سن زواج الفتاة، وهذا ما أدى إلى استعجال بعض الفتيات الزواج وخوفهن من لقب عانس”.

وشددت الناشطة في مجال حقوق المرأة على أن “لفظ عنوسة يدل على أننا في مجتمع ذكوري”، موضحًة أن “تأخر البنت أو الولد في الزواج لا يقلل من كليهما في شيء”.

مخاطر فوبيا العنوسة

اتفقت كل من د.هبة عيسوي ود.سامية خضر على أن فوبيا العنوسة لها مخاطر نفسية واجتماعية على الفتيات، قد تؤدي إلى تغيير مصير حياة الفتاة بسبب توترها وشعورها بالخوف من عدم الزواج، ومن ثم التسرع في اختيار شريك الحياة على أسس خاطئة تؤدي في النهاية إلى الانفصال وانهيار نفسية الفتاة.

خطورة الإعلام والدراما

وطالبت الدكتورة عزة كامل وسائل الإعلام والأعمال الدرامية بـ”نشر الوعي الكافي للشباب والبنات في موضوع العنوسة”، موضحة أن الفتاة “يجب أن تتريث وتأخذ الحذر في اختيار شريك الحياة، إلى جانب عدم وصم الفتاة بلقب عانس، لأن الإعلام والأعمال الدرامية لهم دور قوي وخطير في نشر ثقافة المجتمع”.

لقد ادى الارتباط السريع للفتيات للتخلص من لقب العنوسة الى ارتفاع نسبة الطلاق، حيث تشير تقارير الجهاز المركزي للاحصاء أن معدلات الطلاق في المجتمع شهدت ارتفاعًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، حيث وصلت إلى 198.269 ألف حالة خلال عام 2017. بهذا الصدد تقول السيدة ريا الخفاجي المديرة التنفيذية لشبكة صوتها ان ما ترتب عن ظاهرة التعجل بالزواج من مشاكل اجتماعية لعل من اهمها الطلاق بحجة تفادي الوقوع فريسة للعنوسة يحتاج الى حملات مكثفة تتبناها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لان الحد من العنوسة بهذه الطريقة غير المدروسة جعلنا امام مشاكل اكثر تعقيدا ولابد ان تفهم من تقبل على هذه الخطوة هي وعائلتها حجم السلبيات وهذا مرتبط باهمية تشكيل وعي مجتمعي مختلف اضافة الى اهمية تجاوز بعض الالقاب والمفردات مثل مفردة (عانس)  التي لا تحترم كينونة ووجود المراة ككيان فاعل و مؤثر .

شاهد أيضاً

التعنيف اللفظي والنفسي.. كابوس لم يُسلط الضوء عليه

آية منصور تبدو التربوية انتصار محمد، قلقة على بعض طلابها الذين وفي كل عام دراسي، …

error: Content is protected !!