الطفولة تستغيث وسط عبث وفوضى افتتاح النوادي الليلية وتلكؤ القانون !

حذام يوسف و رشا الحسيني

انتشرت في الآونة الأخيرة (فديوهات) لأطفال وصبيان في الملاهي،وهم ينثرون الأموال على الراقصات، داخل احد النوادي الليلية في بغداد، مما أثار غضب الشارع العراقي، وتسبب في رد فعل عديد من الشخصيات الاجتماعية والناشطين المدنيين واصفين المشهد بأنه انتهاكا لحقوق الطفل ، كيف يمكن معالجة هذه الظاهرة والحد منها؟ ، وسط عشوائية توزيع اجازات النوادي الليلية من دون حساب لملائمة المكان لمثل هذه الفعاليات وانعدام الرقابة في مثل هذه الأماكن وجل ما يهتمون به هو الربح ولو على حساب انتهاك كرامة الانسان والطفل العراقي!!!

كانت لنا وقفة مع عدد من الشخصيات العراقية، بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، للوصول معهم الى طريقة تحد من هذه الافعال المهينة لكرامة الطفل.

البداية كانت مع الكاتب والاعلامي جمال المظفر الذي شكر لنا اهتمامنا بهذا الموضوع :” انتشار ظاهرة تواجد الاطفال في الملاهيالليلية بل واستغلال الفتيات دون السن القانوني كراقصات، رغماعمارهن المبكرة يشكل جريمة كبرى بحق الطفولة، فالتفكك الاسريوالعوز المادي في ظروف اقتصادية صعبه يمكن أن تدفع ببعضالعوائل التي تبحث عن المال مقابل التنازل عن الشرف بدون جهد اورأسمال الى زج اطفالهم للعمل في هذه الاماكن ..

فبعد عمالة الاطفال التي باتت سائدة اليوم مع غياب الرقابة وتسربالكثير من الاطفال وابتعادهم عن مقاعد الدراسة لإعالة عوائلهم بسببالظروف الاقتصادية، ولفقدان معيل الاسرة ، نجد اليوم أن الكثير منالملاهي باتت تستقطب الفتيات الصغيرات الى اجواء موبوءة مليئةبالفسق والفجور والاجرام وهو ما يعني انحراف جيل يعوّل عليه فيمستقبل افضل خال من الجريمة والانحلال، كما بات منظر نثر الاموالعلى الراقصات من قبل الاطفال برفقة ابائهم مثار سخرية واستنكارلما لهذه المشاهد من تأثيرات سلبية خطيرة تهدد مستقبل الطفولة فيالعراق، ودليل على الانحراف في تفكير بعض العائلات التي تتباهىببذخها وكرمها على العهر فيما تستخسر انفاقها على الفقراءوالمحتاجين، الملاهي وباتت وكرا للجريمة المنظمة والاستغلالالجسدي والجنسي وما على الجهات الامنية الا ان تكثف الرقابة علىهذه الاماكن وان تشدد العقوبة على مرتكبي هذه الاعمال..!!”.

يذكر أن قانون الاتجار بالبشر ينص على معاقبة من يستغل الاطفال بالسجن أو الغرامة المالية لتكون تلك العقوبة رادعا لمن يفكر بإستغلالالاطفال دون سن 15 سنة.. كما تنص قوانين وزارة العمل والشؤونالاجتماعية على معاقبة من يعمل على تشغيل الاطفال بغرامات ماليةوايقاف المعامل والمصانع التابعة لهؤلاء فكيف ان كان العمل في اماكنموبوءة كالنوادي الليلية وصالات القمار..؟!!

ندی متي يوسف حنا اختصاصية في الكيمياء السريرية فيمختبرات مستشفى اوستن وهي عراقية مقيمة في استراليا، حرصت على المشاركة بالقول: ” هذه الظاهرة يدينها اي شخص قويم الاخلاق،لأنها تنافي ابسط المبادئ الأخلاقية العامة والتي تتفق عليها جميعالاديان و المعايير المجتمعية المتزنة، ومقترحنا للحد من هذه الظاهرةالمشينة ، هو تدخل القانون و بشكل صارم لمنعها تماما، ولأنني مغتربةل ٢٤ سنة في استراليا ، اود أن اسلط الضوء على جزء من قانونالعمل الاسترالى بهذا الخصوص: ” لا يوجد حد أدنى لسن العمل فيشركة عائلية أو في مجال الترفيه الفني و الاعلان المعترف بها قانونيا ،ولكن يجب أن يكون الطفل على الأقل بعمر 11 عاما للقيام بأعمالالتسليم/التوصيل/ البريد، و بعمر 13 عاما ليقوم بأنواع أخرى منالعمل، مثل البيع بالتجزئة أو الضيافة، ولكن بجب أن يحصل صاحبالعمل على تصريح قبل أن يوظف شخصًا أقل من 15 عامًا، سواء كانالعمل مدفوع الأجر أم طوعيا حيث يعتبر تشغيل الطفل بدون تصريحجريمة يعاقب عليها القانون الاستراليكما تتطلب معايير سلامةالأطفال في فيكتوريا/ استراليا من المنظمات تضمين سلامة الطفلفي عملياتها اليومية ، مما يساعد في الحفاظ على الأطفال في مأمنمن الإساءة الجسدية والجنسية والعاطفية والنفسية والإهمال”.

أما سهير رسام وهي اختصاص بكتيريولوجي، فتجد ان من الضروري أن يُسَن قانون صريح يُجَرِم اهل الطفل وكذلك الجهاتالتي تستغلهم للعمل، يجب ان تواجه عقوبات شديدة تهدد استمرارالعمل مع غرامات مالية كبيرة و يكون الموضوع حازم لا تهاون به، وياحبذا ان يكون هناك مخصصات مالية للأطفال من الدولة لحد بلوغالسن القانوني اذا اثبتت العائلة انها تحت خط الفقر، كما في الغرب حيث في كندا على سبيل المثال كل الاطفال لحد سن البلوغ مخصص لهم مبلغ من الدولة بغض النظر عن الحالة المادية للعائلة يطلقون عليها(Child benefits).

ويشارك المتقاعد غانم هادي ويجد من وجهة نظره، وقبل محاسبةالاطفال يجب علينا معرفة المسبب الحقيقي لظواهر انحراف المجتمعبكل فئاته وذلك لغرض حل المشكلة من جذورها وليس حل وقتي، ليؤكد في سياق حديثه :” عندما نوفر الحياة الكريمة للشعب ونحسن منالمستوى الاقتصادي والمعيشي لهم مع محاسبة أصحاب الدخلالعالي الناتج من الرشاوى والسرقات ونهب الاموال العامة، حينهايحق للحكومة وهي المسؤولة بشكل مباشر عن تفشي الفساد منحقها أن تفرض اقسى العقوبات على كل شخص منحرف لتعيده إلىجادة الصواب، وفي موضوع البحث تحاسب أهالي الأطفال أيضالأنهم احد الاسباب في انحراف أطفالهم ..” .

واخيرا لابد لنا من وقفة قانونية مع المحامية علياء الحسني : 

ذكر قانون العمل العراقي بحظر او منع عمل القاصرين او الحدثالاقل من 15 سنة ، وحظر قانون العمل العراقي في المادة 95 ثانياً منالعمل في الاماكن المختلطة او الليلية للصغار او الاحداث .

حيث رسم القانون لتشكيل لجان خاصة من قانون العمل وبالتعاون معوزارة الداخلية هذهِ اللجان مهمتها مراقبة الاماكن التي توجد بهااحداث ومحاسبة صاحب العمل الذي يقوم بتوظيفهم من ضمن هذهالمناطق (اماكن العمل المختلطة واماكن العمل الليلية والمناجم والعملتحت الارض والمحظورة صحياً وغيرها ..) 

واضافت الحسني من الناحية القانونية عالج قانون العمل هذه الفقرةحيث اذا لم يكن هناك نص ممكن ان نطالب بتشريع هذا القانون اونطالب بإصدار قرار لكن هناك نص قانوني ! لكن مع هذا الظاهرةمتفشية ومنتشرة وهناك قاصرين يعملون في النوادي الليلة ويرجعالخلل في الاجهزة الامنية ( وزارة الداخلية وتشكيلاتها ) وان الاجهزةالتنفيذية هي التي تغض النظر عن تنفيذ احكام القانون بما يتعلقبمناطق العمل هذهِ.

ختاما المهمة صعبة وليست باليسيرة، لكنها ممكنة بتظافر الجهود والإيمان بأن الطفولة هي بذرة المستقبل، ويجب أن تكون البذرة نظيفة وتحت رعاية سليمة، لتبني مستقبل لأجيال قادمة، ربما تتوه في فوضى السياسات اذا لم تجد من يأخذ بيدها الى بر الأمان.

شاهد أيضاً

التعنيف اللفظي والنفسي.. كابوس لم يُسلط الضوء عليه

آية منصور تبدو التربوية انتصار محمد، قلقة على بعض طلابها الذين وفي كل عام دراسي، …

error: Content is protected !!