اعتذار علاوي وغياب عبد المهدي واستقالة الحلبوسي .. لا يوجد أي فراغ دستوري

محمود المفرجي الحسيني

بعد ان اعلن محمد توفيق علاوي، مساء الاحد الماضي، اعتذاره عن التكليف الخاص بتشكيل الحكومة العراقية للفترة الانتقالية، خلفا لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، هدد رئيس الوزراء المستقيل المكلف بتسيير اعمال الحكومة عادل عبد المهدي، في رسالة أرسلها إلى رئيسي الجمهورية والبرلمان بـ”احتمال اللجوء لاحقا إلى إعلان خلو المنصب وفق المادة (81) من الدستور، إذا لم تصل القوى السياسية والسلطات التشريعية والتنفيذية الى سياقات تخرج البلاد من أزمتها الراهنة، وفق المادة (76) من الدستور”.


وقال عبد المهدي، أنه سيلجأ إلى “الغياب الطوعي” عن حضور جلسات الحكومة، بعد انتهاء المهلة الدستورية المحددة للحكومة الجديدة لنيل ثقة مجلس النواب، وانه سيدعو “مجلس النواب إلى عقد جلسة استثنائية لحسم قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية ومفوضية الانتخابات بشكل نهائي”، واقترح “يوم 4 ديسمبر 2020 كموعد للانتخابات”.


ودعا عبد المهدي إلى أن “يحل مجلس النواب نفسه قبل 60 يوما من التاريخ المذكور، وأن ينظم استفتاء حول تعديلات دستورية، في حين لم يذكر نوع التعديلات الدستورية المقصودة لكنه قال إن البرلمان يمكن أن يقترحها.
وقال عبد المهدي إنه “سيكلف أحد نواب رئيس الوزراء او أحد الوزراء مسؤولية إدارة جلسات مجلس الوزراء وتصريف الأمور اليومية، مضيفا أن هذا هو الإجراء الذي بدأ بتطبيقه منذ تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة.


ولم يخول عبد المهدي شخصية أخرى لممارسة صلاحياته كقائد عام للقوات المسلحة لكنه قال إن “مستشارية الأمن الوطني ستقوم بممارسة دور أمانة سر المجلس الوزاري للأمن الوطني وتنظيم جدول اعماله وتبليغ قراراته وفق سياقات العمل المعمول بها، ويقوم مكتب القائد العام للقوات المسلحة في مكتب رئيس مجلس الوزراء بالتنسيق بين رئاسة الوزراء والمجلس الوزاري للأمن الوطني، ويكلف أحد اعضاء المجلس بإدارة اجتماعات المجلس الوزاري للأمن الوطني خلال فترة غياب رئيس مجلس الوزراء”.


هذا الامر سيجعل دور عبد المهدي سيقتصر على “التعامل مع الأمور الحصرية العاجلة والضرورية التي يتم إبلاغه بها من مدير مكتبه والأمين العام لمجلس الوزراء والسكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة، فضلا عن انه سيتغيب عن توقيع الكتب الرسمية أو تلبية دعوات أو إجراء لقاءات أو مباحثات أو اجتماعات رسمية محلية أو أجنبية”.


في هذه الاثناء، ارتفعت المطالبات في ساحات التظاهر باستقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من منصبه، ما يضع العراق امام مفترق طرق خطير، متمثل بغياب التمثيل الحكومي.
هذه الاحداث اتت في اوقات حرجة يعيشها العراق في ظل عدم الاستقرار الداخلي سياسيا واقتصاديا، وحتى امنيا بوجود مخاوف وريبة من التحركات الامريكية العسكرية في العراق، وفي ظل تظاهرات ثابتة.
قبل ان يعتذر علاوي عن التكليف بتشكيل الحكومة، كانت الكتل “الشيعية” ونسبة معينة من “السنة” تدفع باتجاه التصويت على حكومة علاوي، لانها كانت تعي جيدا بان عدم التصويت سيوصل الحال الى ما وصل اليه من الخطورة، في حين الغالبية من الكتل السنية، لعبت بورقتين، الاولى : هو بقاء المحاصصة في حكومة علاوي، والتفاوض معه على “حصص الكتل السنية”، والثانية : هي اللعب على وتر آخر متمثل بالانفراد بـ “السنة جغرافيا” والذهاب نحو الاقلمة، بشكل شبيه بالاقليم الكردي شمالي العراق. وفعلا ظهرت انباء، بان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، اجتماع “سرا” في الامارات لتشكيل هذا الاقليم المزعوم.


ورغم ان الحلبوسي نفى تلك الانباء، واعلن انه مع وحدة العراق، الا ان نفيه لم يكن بمستوى التأكيدات التي ظهرت.
ويبدو ان هذا المسعى وضع الكتل السنية وخاصة الحلبوسي في موقف صعب امام جماهيرهم، وخاصة جماهيرهم في ساحات التظاهر، الذين بدأوا يطالبون باستقالته اسوة برئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي.


اما الكرد ، فهم اكثر جهة وضعت نفسها بمنأى عن كل ما يحدث، واكدوا ان أي حكومة يمكن ان تشكل، لابد لها ان تتفاوض معهم، وحسب اسلوب المحاصصة المتبع منذ عام 2003 لحد الان، فهم ليس لديهم ما يخسروه، فعلى الصعيد الجغرافي، هم يتمتعون بنوع من الاستقلالية، ولا ينقصهم الا تأمين كيفية وصول الاموال المخصصة لهم من أي حكومة تشكل، وايضا التفاوض معها حول كثير من القضايا العالقة التي يعتد بها الكرد، مثل المناطق المختلف عليها، وطبيعة التعامل بين حكومتي المركز والاقليم.


لكن مع هذا لا يوجد ما يدعو الى، ان غياب عبد المهدي الطوعي، سيشكل أي فراغ دستوري، وذلك لان الرأي القانوني الذي اتى على لسان الخبراء، اكد بان غيابه لن يشكل أي فراغ دستوري ما دام يملك نواب له يمكن ان يديروا جلسات مجلس الوزراء بدلا عنه ، وفي فترة غيابه.


ويبدو ان عبد المهدي يدرك هذه الحقيقة، فرغم تهديده، لم يخول احد بادارة القيادة العامة للقوات المسلحة بدلا عنه، وهذا يؤكد بان عبد المهدي، اراد من رسالته تشكيل نوع من الضغط على الكتل السياسية، وربما جرها الى التفكير بإبقائه في منصبه وعدم التفكير بتسمية رئيس وزراء اخر بدلا عنه، كما حدث بتسمية علاوي المعتذر.

شاهد أيضاً

جواهر الأرض ونجوم السماء

إيناس الموسوي متجدده وطموحه ومعطاء ..هي بذرة الخير ايقونة الوفاء…صبوره حاملة المصاعب والشقاءتنير دربك كالشمعه …

error: Content is protected !!