سولاف هلال تنحاز لفن القصة القصيرة

صوتها – بغداد

سولاف هلال، كاتبة عراقية صدرت لها مجموعتان قصصيتان بعنوان: “إلى الوراء در”، و”غزال الدرب الأحمر”. بدأت تجربتها الفنية مع الغناء، حيث كانت تغني مع الفرقة القومية للموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية، وبين الموسيقى والغناء ثمة تجربة حياتية ثرية في الانتقال من بغداد إلى القاهرة، وفي العمل كصحفية ثقافية حرة عبر إجراء العديد من الحوارات مع مثقفين عرب، وفي كتابة قصص تدور أجواؤها بين البلدين.

تكتب هلال عن مجموعة من البشر المسحوقين والمتألمين الذين خفت صوتهم حتى كاد أن لا يسمعهم أحد، وعن نساء تلاشت أحلامهن بسبب الحروب والثورات، وبسبب عدم المعرفة الكافية للذات.

حول اختيارها فن القصة القصيرة، قالت: أعترف بأني لست ما أردت أن أكونه، بل ما أراد أن أكونه الأهل والمجتمع العراقي آنذاك، لكني لا أنكر سعادتي بما قدّر لي. ففي البدء كان الغناء، والغناء محرّم في بلادي على النساء، لذلك تجدين أن نسبة الأصوات النسائية ضئيلة جدا مقابل أصوات الرجال منذ القدم وحتى الآن، لكن لطالما استمعت إلى الصوت الداخلي الذي كان يحثني على فعل شيء لا يسيء لأحد ولا يغضب أحدا، لذا قررت إطلاق صوتي في مسار آخر لا يعترض سبيله كائن، فاخترت الكتابة.

وحول بدايتها مع فن القصة ذكرت: في لقائي الأول مع أستاذي الروائي الفلسطيني الكبير الراحل نواف أبو الهيجاء، وبعد أن وضعت بين يديه نصوصا لا تنتمي إلى جنس محدد، قال لي بعد قراءة متأنية “أنت قاصة”.

وفي اللقاء الثاني أعطيته نصا ثم تواريت، وعندما استدعاني وجدته يكتب شيئا بالقلم الأحمر على الصفحة الأولى من النص، فارتجف قلبي، لكني هدأت وكدت أطير فرحا عندما قرأت عبارة “بداية ممتازة”. هذه هي قصتي مع القصة كما حدثت بالضبط.

تحدثت هلال أيضا عن علاقتها مع الموسيقى وأثرها في الكتابة فقالت: عندما انتقلت وأسرتي للإقامة في مصر عام 1997، عاد الحلم القديم بقوة “حلم الغناء” رغم أني بدأت نشر نصوصي في الصحف العراقية عام 1994 فعملت في دار الأوبرا وانقطعت عن الكتابة لزمن ليس بالقصير، ولم يكن السبب مقتصرا على شغفي وافتتاني بالغناء وحسب، وإنما بسبب شعور حاد باغتراب الذاكرة وبتمزق مشاعري بين الهنا والهناك، لكني عدت للكتابة بشوق وشغف، وكتبت العديد من النصوص أثناء عملي في الأوبرا، حتى خرجت إلى النور مجموعتي القصصية الأولى “إلى الوراء دُر”.

وذكرت سولاف أنه رغم انحيازها للقصة القصيرة إلا أنها وجدت نفسها متورطة الآن بكتابة نص طويل ربما يكون رواية أو نوفيلا، تقول: “أهرب منها وتجذبني، ولا أعرف إلى أين ستمضي بي أو إلى أين سأمضي بها”، وذكرت أنها تحب كتابة القصة الطويلة على طريقة الكاتبة أليس مونرو، ومن قبلها أعجبت بالقصص الطويلة لدوستويفسكي وتشيخوف.

وعن مشاركتها مؤخرا في مؤتمر القصة القصيرة في الأقصر، قالت: يعتمد تقدم وتطور أي مبدع عربي الآن على جهوده الذاتية في ظل الحركة النقدية التي تحاول الوقوف على ساق واحدة مكسورة، هذا إن لم تكن مبتورة.

ويبقى السؤال معلقا ينتظر الإجابة: لماذا نكتب ولمن نكتب؟ في الماضي القريب كان الكتّاب يقولون إنهم يقرؤون لبعضهم البعض في غياب قارئ شغوف بالقراءة، أما اليوم فحتى هذا لا يحدث حيث إنك تهدي كتابك لمبدع لا يقرأ وغير مهتم بما تكتب، أما الناقد فله حساباته الخاصة وتلك قضية أخرى .

وعلى ذكر المؤتمرات الثقافية ومدى إسهامها في دفع تجربة المبدع فأقول: إن مشاركتي في ملتقى الشارقة للسرد الذي أقيم في الأقصر تحت عنوان القصة القصيرة ورهان التجديد تعد نقطة انطلاق جديدة بالنسبة لي، وهي تجربة مهمة جدا لكل مبدع لأنها داعمة وخلاقة .. تبعث في روح المبدع الحيوية وتحثه على الإصرار والاستمرار رغم سوداوية المشهد واعتلال الواقع.

كما أن المؤتمر قدم فرصة للاطلاع عن قرب على الجهود المبذولة من قبل الباحثين والمتخصصين في هذا المجال من خلال الدراسات وأوراق العمل التي تطرح، ومن خلال النقاش الموضوعي الجاد بين المبدع والباحث وكل هذا يؤدي إلى إثراء التجربة الابداعية.

دعيني أختم الحوار بقول الكاتب الكولومبي الكبير ماركيز: “الامساك بأرنب أسهل من الإمساك بقارئ”، وفي مؤتمر الشارقة للسرد، تمكنت من الامساك بأكثر من قارئ وكانت هذه هي غنيمتي الكبرى.

شاهد أيضاً

نوفل ابورغيف يوقع الطبعة الثالثة من كتابه

احتضنت #دارإنكي للدراسات والبحوث في معرض بغداد الدولي حفل توقيع كتاب( #المستوياتالجمالية في #نهجالبلاغة ) …

error: Content is protected !!