مؤتمر الكويت: الحكومة العراقية وتحدي تدني الموثوقية

د. حسين أحمد السرحان

اعلنت الامانة العامة لمجس الوزراء يوم 9 شباط 2018 استكمال الاجراءات الخاصة بعقد مؤتمر اعادة الاعمار الذي تستضيفه دولة الكويت خلال المدة 12-14 /شباط/2018 مؤكدة مشاركة العديد من الدول والشركات العالمية والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية الدولية فيه. ومن جانبها اعلنت هيئة الاستثمار الوطنية العراقية انها ستعرض 157 مشروع وصفتها بالاستراتيجية للاستثمار خلال المؤتمر.

سبق وان اعلنت الحكومة العراقية الحاجة الى 100 مليار دولار لإعادة اعمار المحافظات والمدن المحررة من سيطرة التنظيمات الارهابية، وتسعى الان جاهدة لتحصيل الجزء الاكبر من هذا المبلغ في مؤتمر اعادة الاعمار في الكويت مع انخفاض الايرادات المالية بفعل تدني اسعار النفط.

الحاجة الى اعادة الاعمار بعد الصراع ليست جديدة على العراق بل يمكن القول ان العراق شهد تلك الحاجة لثلاث مرات بعد 2003 وهي الحاجة الى اعادة الاعمار بعد الغزو الاميركي عام 2003، واعادة الاعمار بعد التخلص من تنظيم القاعدة الارهابي، والاخيرة مايشهده العراق في المرحلة الحالية. وكما هو بائن لم تنجح مؤسسات الدولة في المرتين الاولى والثانية من تحقيق اعادة الاعمار والاستقرار الامر الذي وصل بالبلاد لهذه الحال لأسباب عدة منها الفساد، وانعدام التخطيط للسياسات العامة، وانعدام الادراك لطبيعة المرحلة. الامر الذي كوّن صورة سلبية عن اداء مؤسسات الدولة التي فشلت في كل القطاعات عدا القطاع النفطي واصبح يُنظر لتلك المؤسسات على انها لايمكنها ان تنجح في توظيف الدعم الدولي في اعادة الاعمار والاستقرار.

وهذا مادعانا الى تسليط الضوء على هذه القضية المهمة والحاسمة وهي تحصيل الدعم الدولي لإعادة الاعمار. فبالتأكيد اننا ليس امام مشروع مارشال العراق ولا دعم مالي كبير كما يروج بمبالغة كبيرة في الداخل العراقي. فلازالت المنظومة ذاتها اذا ما قلنا انها ساءت الاداء اكثر، ولازال كبار المفسدين يحظون بحماية اجهزة الدولة ويتمتعون بدور كبير في صناعة القرار واتخاذه، ولازال الفساد السياسي والمالي والاداري في اوج مستوياته.

لا نريد ان نكون متشائمين، لكن هذا هو الواقع. لازلنا نخشى بل نخاف ان نكتشف واقعنا ونهرب منه الى الامام بدون الالتفات الى الوراء. على صانع القرار إدراك حقيقة مفادها ان الاموال التي يمكن ان يحصل عليها من الدول تتأتى في الغالب من ايرادات دافعي الضرائب، وبالتالي لايمكن ان يضحي صانعي السياسات في الدول المشاركة بناخبيهم وجماهيرهم في دفع اموال لمؤسسات يرونها في اغلبها فاسدة وغير كفوءة.

خلال الايام القليلة الاخيرة قبل اعلان النصر العسكري وحتى بعد اعلانه على تنظيم داعش الارهابي، كانت الحكومة والمؤسسات القضائية والرقابية امام فرصة كبيرة في مجابهة الفساد وشن حملة كبيرة وحازمة خاطفة لاسيما مع وجود تأييد من الجمهور العام والمرجعية الدينية. وكان بالإمكان توفير الكثير من الموارد المالية اللازمة لإعادة الاعمار والاستقرار للمناطق المحررة. وهذا الملف مهم وعلى الحكومة مسؤولية تقديم صورة واضحة عنه ورؤية دقيقة وعملية حوله لتعزيز بيئة الاستثمار. وبالتالي تنعدم الضمانة بأن الاموال المقدمة سيتم التعامل معها بشفافية وستنفق وفق حسابات بشفافية كبيرة في الوقت الذي لاتتوافر فيه الحسابات الختامية للسنوات الست الاخيرة على مستوى الموازنة الاتحادية.

كذلك -وفي اطار توفير البيئة الاسثمارية- هناك ملف آخر من الملفات التي لابد للحكومة ان تقدم ماحققته فيه الا وهو الروتين الاداري وعدم تكامل الاطار التشريعي الضامن لحقوق المستثمرين والكفيل بتوفير التسهيلات للاستثمارات الاجنبية مؤسساتياً. وهذا الملف يشهد تقصيرا كبيرا تشترك فيه الحكومة ومجلس النواب، ومصداق ذلك هو ان الحكومة لم تحقق نجاحات تذكر في نظام (النافذة الواحدة) رغم اقراره.

كذلك لازال النظام المصرفي والنظام المالي في البلاد تقليديا وهو من البنى التحتية الرئيسة التي يبحث عنها المستثمر في ضمان تحويل امواله وارباحه في ظل بيئة امنية هشة يتسيدها السلاح خارج منظومة الدولة في بعض مناطقها.

هذه النقاط وجزئيات كثيرة تشكل تحديات حقيقية امام الحكومة ومجلس النواب ويتطلب منهما اجتيازها وفق رؤية اقتصادية واضحة تساهم في خلق الموثوقية الدولية بمؤسسات الدولة وتلبي طموحات وحدات المجتمع الدولي في شفافية الانفاق ووضوح مساراته في اعادة الاعمار والاستقرار.

ففي هذه المرحلة يشكل العراق الطرف الاقوى في هزيمة الارهاب وحقق نجاحات باهرة في هذا الملف واتصور ان المجتمع الدولي لديه مصلحة كبيرة في عدم عودة الارهاب والتطرف اليه عبر تعزيز البيئة الاقتصادية الضامنة لرفاهية الافراد والتي تجنبهم الانخراط في مجموعات متطرفة سواء أكانت دينية او غيرها.

شاهد أيضاً

صوتها

نهله الدراجي يعتبر الصوت وسيلة هامة للتواصل والتعبير عن الأفكار والمشاعر والرغبات.. صوت المرأة هو أحد العناصر المهمة التييشكل هويتها الفريدة.  إن صوت المرأة ليس مجرد وسيلة للتواصل والتعبير عن الأفكاروالمشاعر، بل يعكس أيضاً جوانب متعددة من هويتها الشخصيةوالاجتماعية والثقافية. يمكن أن يكون لصوت المرأة أهمية خاصة في سياق المساواةوالمشاركة الاجتماعية. يعتبر صوت المرأة أداة للتعبير عن قضاياها ومشاركة آرائهاوتجاربها.. قد يكون للمرأة مساهمات مهمة في المجتمع والثقافةوالسياسية والعديد من المجالات الأخرى.. وصوتها يمكن أن يلعب دورًا حاسماً في تعزيز حقوقها وتحقيق تغييرإيجابي.. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن صوت المرأة ليس مقتصراً فقط علىصوتها الفعلي، ولكنه يمتد أيضاً إلى حقها في المشاركة والتأثير فيصنع القرارات والتحكم في مصيرها. قد تواجه بعض النساء تحديات في التعبير عن آرائهن ومواجهة تمييزأو قيود اجتماعية تؤثر على حرية تعبيرهن، قد تتعرض للتهميش أوالتجاهل أو التعتيم على صوتها في بعض الأحيان. ومن المهم أيضًا أن نلاحظ ان هويتها ليست مقتصرة فقط علىصوتها، بل هناك العديد من العوامل الأخرى التي تساهم في هويتهاككيان كامل، بما في ذلك معتقداتها وقيمها ومهاراتها وتجاربهاواهتماماتها.. لذا، ينبغي على الجميع السعي إلى تعزيز صوت المرأة ودعمها فيالتعبير عن هويتها الحقيقية.  ويجب أن نعمل على توفير المساحات الآمنة والفرص للمرأة للتعبير عنآرائها وتجاربها، وأن نعزز المشاركة النسائية في جميع المجالاتوالمستويات، سواء كان ذلك في السياسة أو الأعمال أو الفن أو الإعلام…. وختاماً، ان صوت المرأة الأصيل والمتميز يعزز التنوع والإبداع والتقدمفي المجتمعات. بفضل تعبير المرأة عن هويتها الصوتية، يمكن للعالمأن يشهد تحولاً إيجابياً نحو المساواة والعدالة والاحترام المتبادل..  …

error: Content is protected !!