الحكومة الجديدة ،هل تكون بداية عهد جديد؟

صوتها/ مقالات

ابراهيم العبادي

حالة من التفاؤل الحذر ،تسود الشارع العراقي وهو ينتظر اعلان التشكيلة الحكومية ونيلها الثقة من البرلمان، عامة الشعب تنتظر من الحكومة معجزات حقيقية ،وبسقف مرتفع دون ان تضع في الحساب ،صعوبات المهمة وكم المشكلات الكبيرة، وعدم قدرة الجهاز الاداري والتنفيذي على اداء مهامه بشكل سليم وناجح، بالاضافة الى التعقيد السياسي الذي يكبل ايدي رئيس الوزراء ولايتيح له التحرك ضمن الرؤية التي يتبناها، التعويل بالنجاح مرهون بالقدرات التي يتمتع بها السيد عادل عبدالمهدي وملكاته السياسية والتنظيرية في الشأن الاقتصادي، لكن توفر رئيس الحكومة على الحنكة والافق المفتوح والدراية بالممكنات السياسية والاقتصادية، وتمكنه من ادارة الحوارات و اجتراح الحلول والتسويات، لاتكفي لوحدها، مالم يأتي الطاقم الحكومي (وزراء،وكلاء،مستشارين،مدراء، تنفيذيين) حاملا لنفس الرؤية ومتضامنا مع رئيسه في تنفيذ الخطط وتحمل المسؤولية والهم الوطني بروح الالتزام الاخلاقي والهدف النهضوي.
تحتاج حكومة السيد عبدالمهدي ان تحدث قطيعة كاملة مع الاعراف الحزبية والسياسية التي سادت خلال الخمسة عشر عاما المنصرمة، وهذا يترتب عليه ان يرفض رئيس الوزراء المكلف الاملاءات من اية جهة، تعيد منطق توزيع الوزارات والهيئات بطريقة المحاصصة لاسترضاء هذه الكتلة ولمنع زعل اخرى، ولتهدئة ثالثة وتطميع رابعة، فالمشاركة في السلطة لاتعني القبول بما عمل به خلال ستة وزارات تشكلت بعد التغيير، لقد ارتدت هذه الطريقة على الجميع بالفشل، نعم كسب البعض القليل، مصالح مادية كبيرة على حساب الشعب،لكن الخسارة المعنوية كانت هائلة، لم يسلم منها طرف حزبي وسياسي،حيث يتحمل الجميع الاخفاق الخدمي والاضطراب السياسي والامني والتردي الاجتماعي، مع الاحتفاظ بجميل ماقدمه بعض الساسة لاسيما جهد رئيس الوزراء المنتهية ولايته الدكتور حيدر العبادي.
وحتى يتفادى العراق المزيد من المشكلات والتراجع الخدمي والاقتصادي، يتعين اطلاق يد رئيس الوزراء في اختيار اعضاء الحكومة من اشخاص ذوي خبرة اقتصادية وادارية وتنفيذية عالية، يعرفون مداخل الفساد ومشاكل الروتين الحكومي وطرائق الانتفاع من تخطيط المشاريع والتعاقدات الحكومية، فحكومة الاعوام الاربعة القادمة، يجب ان تكون حكومة الانجاز الاقتصادي والجذب الاستثماري، حكومة تعيد رسم صورة العراق في اسواق راس المال وعالم البناء والانشاءات، وهذه تستلزم هدوءا سياسيا واستقرارا امنيا، وزوال المناكفات والسيطرة على الازمات المفتعلة والحقيقية، كل ذلك مشروط بصمت الاحزاب وامتناعها عن التدخل في الشان الحكومي وكفها عن مد اذرعها الى مصادر المال والثروة بعقلية الاستحواذ التي اعتادتها.
لن تكون مهمة الحكومة القادمة سهلة، ان لم تكن اصعب من سابقاتها، بسبب سقف التوقعات المنتظرة منها والمقترن بخزين الغضب والاحباط الذي يمور في صدور الملايين، ستكون الحكومة القادمة الفرصة الاخيرة لانقاذ نظام جمهورية مابعد 2003، فان نجحت ستكون بداية عهد جديد وهذا هو المتوقع منها، وان تكالبت عليها الازمات والمشكلات والتدخلات الحزبية والضغوط الخارجية، فانها ستكون ايضا بداية جمهورية جديدة بعدما تكون نهايتها تقويضا لنظام اختنق بدستوره وصيغته السياسية ومشكلاته الحادة، النجاح متوقف على نوايا القوى السياسية فيما اذا قررت منح السيد عادل عبدالمهدي الفرصة من عدمها.

شاهد أيضاً

التدفق الإعلامي ومؤشرات هيمنته 

د. محمد وليد صالح  باحث وكاتب عراقي قيمة الحدث ليست عمومية في العمل الإعلامي ونسبيتها في بعض وسائل الإعلام …

error: Content is protected !!