ما زال منصب نائب رئيس الجمهورية مثار جدل في الاوساط السياسية، وكل ما اقترب موعد اختيار من يشغل هذا المنصب تبدأ موجة من المشكلات، مما يقتضي البحث في الاساس الدستوري له.
عند البحث في الدستور العراقي – وتحديدا في الفرع الاول منه الخاص بالسلطة التنفيذية الذي يتحدث عن رئيس الجمهورية-، نجد أن عبارة نائب رئيس الجمهورية قد وردت في ثلاثة مواضع.
الموضع الأول في المادة (69/ ثانياً)، ونصها: “تنظم بقانون، احكام اختيار نائب أو اكثر لرئيس الجمهورية”.
ووفق هذا النص نجد أن تشريع هذا القانون الزامي على مجلس النواب بوصفه الجهة التشريعية الاتحادية في العراق، وهو ما حصل فعلاً بالقانون رقم (1) لسنة 2011، الذي جاء باسم (قانون نواب رئيس الجمهورية)، المنشور في الوقائع العراقية بالعدد (4174)، في (24/ 1/ 2011).
ومن خلال النظر إلى المادة الدستورية المذكورة انفاً نجد ما يأتي:-
1- ان تحديد عدد نواب رئيس الجمهورية بالسقف الاعلى يعود إلى مجلس النواب في القانون الذي يشرعه بوصفه خياراً تشريعياً وذلك بعد ما ذكر الدستور حده الادنى (نائب) أو اكثر.
2- ان القانون -الذي الزم الدستور تشريعه-، هو الذي يحدد اليات التعيين وفق رؤية المشرع، وهو خيار تشريعي ايضاً.
بالمحصلة، أن سن القانون الزامي، لكن ما يتضمنه من اليات تعييّن وعدد لنواب رئيس الجمهورية يخضع لخيارات مجلس النواب في نصوص ذلك القانون.
أما الموضع الثاني الذي ذكر فيه منصب نائب رئيس الجمهورية فقد جاء في المادة (75/ ثانياً) من الدستور، ونصها: “يحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه”، ومن امثلة الغياب كأن يكون في رحلة علاجية كما حصل عندما حل د. خضير الخزاعي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية خلال الدورة الانتخابية الثانية محل الرئيس الاسبق المرحوم جلال طالبانيعندما كان الاخير يتعالج في المانيا، وأن هذا الاحلال لا يقترن بمدة زمنية محددة، انما ينتهي بانتهاء موجبات الغياب وعودة رئيس الجمهورية.
اما الموضع الثالث فقد ورد في المادة (75/ ثالثاً) من الدستور، ونصها: “يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لاي سبب كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الخلو”.
ومن امثلة خلو المنصب كأن يتوفى رئيس الجمهورية، أو يفقد احد شروط استمراره في منصبه، أو تتم اقالته وفقاً للسياقات الدستورية، ويكون اشغال المنصب من نائبه في هذه الحالة خلال سقف زمني لا يتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الخلو، على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية جديد وفق ما نص عليه الدستور، وقانون احكام الترشح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012.
وبالعودة إلى قانون نواب رئيس الجمهورية، نجد أن المادة (1) منه تنص على أن “يختار رئيس الجمهورية عند تسلمه مهامه الدستورية نائباً أو اكثر على أن لا يزيد على ثلاثة، ويعرض هذا الترشيح على مجلس النواب للمصادقة عليه بالاغلبية”.
ومن خلال قراءة هذا النص، نجد أن المشرع قد خوّل رئيس الجمهورية اختيار من يراه مناسباً لمنصب نائب رئيس الجمهورية وهو من يحدد عددهم بما لا يزيد على ثلاثة، فله أن يختار نائبا أو اثنين أو ثلاثة كحد اعلى ولكن يلزم المصادقة على هذا الترشيح من قبل مجلس النواب.
ذلك يعني، أن مجلس النواب وفقاً للقانون النافذ لا خيار له في خيارات رئيس الجمهورية على عدد معين من نوابه –بشرط أن لا يزيد على ثلاثة- خلال ممارسة اختصاصه في المصادقة على ذلك الترشيح، واذا اراد ذلك فله أن يعدّل قانون نواب رئيس الجمهورية بنحو يقلّل عددهم ، وفقاً للسياقات التشريعية المنصوص عليها في الدستور.
ولكن لمجلس النواب رفض المصادقة على ترشيح شخص ما لمنصب نائب رئيس الجمهورية، ولرئيس الجمهورية ترشيح البديل.
وعند المصادقة على الترشيح يردد نائب رئيس الجمهورية اليمين المنصوص عليها في المادة (50) من الدستور، امام مجلس النواب.
وشروط المرشح لمنصب نائب لرئيس الجمهورية كما حددته المادة (2) من القانون المشار اليه اعلاه هي ذاتها الشروط المتعلقة بمنصب رئيس الجمهورية والمنصوص عليها في المادة (68) من الدستور المتعلقة بوجوب أن يكون من ابوين عراقيين، وكامل الاهلية، واتم الاربعين من عمره، ويتمتع بحسن السيرة والسلوك وخلو سجله منجريمة مخلة بالشرف وغير مشمول باحكام قانون المساءلة والعدالة، وأن يكون حائزاً على شهادة جامعية.
علماً أن ولاية نائب رئيس الجمهورية تبدأ باداء اليمين امام مجلس النواب، وتنتهي بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وفقاً للمادة (4) من قانون نواب رئيس الجمهورية.
ومن هذا المنطلق، اصدرت المحكمة الاتحادية العليا حكماً في (10/ 10/ 2016)، قضت بموجبه بعدم دستورية قرار صدر بالغاء (منصب) نواب رئيس الجمهورية، حيث اكدت أن هذا المنصب منصوص عليه في الدستور، وأن الالغاء يعني تعديل الدستور بدون سلوك الية تعديل الدستور مما دعى المحكمة الاتحادية العليا إلى الغاء قرار الغاء (منصب) نائب رئيس الجمهورية.
|