
بين السينما والدراما وعدسة الكاميرا ونبض المسرح، صنعت الفنانة الشابة فاطمة أبو هارون لنفسها مساحة خاصة تفيض بالصدق والإلهام. حيث استطاعت أن تجمع بين الموهبة الفطرية والعمل الدؤوب لتقدّم أعمالاً تلامس الروح وتعبر عن قضايا المجتمع. في هذا الحوار الخاص بمجلة صوتها، تتحدث فاطمة عن بداياتها، وتحديات مسيرتها، ورؤيتها للمستقبل الفني.
حاورتها رند العيداني
1. في البداية، حدثينا عن انطلاقتك الفنية… كيف بدأت رحلتك مع الفن؟
منذ الطفولة، كانت شعلة الفن مشتعلة في داخلي، لكنها لم تكن مكتشفة بعد. ونظرًا لكوني نشأت في عائلة فنية ومُحِبّة للفن، وكان والدي دائمًا يجلب لنا المسلسلات والمسرحيات العراقية القديمة مثل (تحت موس الحلاق) و(مقامات أبو سمرة)، زادت هذه الشعلة أكثر.
إلى أن أصبحت طالبة في إيران، وبدأت أبحث عن الدورات الفنية، وهناك تلقيت تدريبًا في المسرح، وعندها أدركت ما هي رسالتي.

2. ما اللحظة التي شعرتِ فيها أن الفن ليس مجرد هواية، بل مسار حياة؟
عندما كنت أقول لنفسي مرارًا إن هذا الطريق ليس طريقي، كانت نداءات أعماقي تناديني وتقول: هذا الطريق وهذه الرسالة خُلِقَت من أجلك. مرات كثيرة سعيت خلف أهداف أخرى، لكن لم يكن هناك شيء يروي عطشي سوى الفن. الذي يشبه السكينة التي أشعر بها بعد أداء الصلاة في وقتها
3. من كان الداعم الأكبر لكِ في بداياتك؟
أخواتي وصديقاتي قدمن لي الدعم، ولا أنسى أن بعض الأصدقاء من الفنانين ساعدوني أيضًا في طريقي الفني.

4. ما أبرز التحديات التي واجهتكِ كامرأة فنانة في العراق؟
كل امرأة في أي مجتمع، وخصوصًا في المجتمعات الشرقية، تواجه تحديات كثيرة، فكيف إذا كان الطريق هو طريق الفن؟
الانتقادات القاسية من الآخرين، تجاهل موهبة المرأة، ومحاربة قدراتها والتشكيك في كفاءتها…
لكن من الجدير بالذكر أن القوة الداخلية والإرادة الصلبة قادرتان على تجاوز كل هذه التحديات.
5. ما العمل الفني الأقرب إلى قلبك ولماذا؟
أغلب الأدوار التي قمتُ بأدائها قريبة من قلبي،
لأنها كانت في الغالب أدوارًا تدافع عن امرأة مظلومة ووحيدة، وقد أوصلتُ من خلالها هذه الرسالة.
الدور الذي أحببته كثيرًا، رغم أن مشاهده كانت قليلة، كان في فيلم (كعكة الرئيس) من إخراج حسن هادي،
وكانت الشخصية لامرأة من زمن قديم، وأنا أحب تلك المرحلة الزمنية بسبب صدق وبساطة الناس فيها
6. كيف ترين دور الفنان في نقل قضايا المجتمع العراقي، خاصة قضايا المرأة؟
دوره ضروري وأساسي،لكن أحيانًا، يبذل الفنان كل جهده لنقل الرسالة، خاصة عندما يجسد أدوار نساء لم يُسمع صوتهن من قبل،ومع ذلك، وتحت ظروف معينة، يقوم بعض الناس بإلصاق صفة أو “ليبل” سياسي عليه، بينما هو لا يعلم شيئًا عن ذلك، سوى أنه يؤدي دوره ويُوصل الرسالة فقط
7. هل تؤمنين بأن للفن رسالة تتجاوز الترفيه؟ وكيف تجسّدين ذلك في أعمالك؟
نعم، الفنان مثل القاضي أو المحامي يجب أن يدافع عن دوره بشكل كامل، تمامًا كما لا يترك المترجم أي كلمة بدون ترجمة، يجب عليه أن يترجم النص الأصلي، الذي هو أمانة، بشكل واقعي ومجهودي و تأكيداتي دائمًا كانت كذلك في كل دور.
8. كيف توفقين بين هويتك الشخصية ومسؤوليتك كفنانة لها جمهور واسع؟
الأدوار التي يؤديها الفنان غالبًا تكون قريبة من فكره وتهدف إلى إيصال رسالته،لكن في بعض الأحيان تكون بعض الأدوار مختلفة تمامًا عن الشخصية الأصلية للفنان. وربما في بعض الأدوار قد يكره الناس الشخصية التي أديتها، لكن في الحقيقة لم يكن الأمر كذلك، بل على العكس.
9. كيف تنظرين لواقع المرأة العراقية وما الذي تحتاجه؟
نظرًا لأن العراق مرَّ بخمسين عامًا من الحروب،كانت المرأة العراقية دائمًا داعمة وحامية للأسرة، كانت أخت الشهيد، أم الشهيد، أو مفقودة. هذه هي أكثر القضايا مرارة في حياة المرأة.

لقد أثرت الحرب بشكل كبير على الروح المعنوية للمرأة العراقية، كما أن الثقافة لدينا تعطيها أهمية حساسة، والنظرة إليها في مجتمع ذكوري هي نظرة غريبة ومؤلمة.
وبناءً على ذلك، غالبًا ما تعيش المرأة العراقية مع كلمات مثل الخوف، الصراع، الألم، معارضة الآخرين، وعدم الدعم.
احتياج المرأة العراقية هو الدعم، التعاطف، والفهم لكي تتمكن من التعليم بشكل صحيح وتحافظ على صفاتها الأنثوية. المرأة يمكن أن تكون رقيقة، ولكن في داخلها قوة. ولكن مجتمعنا يريد المرأة بطريقة مليئة بالتناقضات، وأنا أؤمن أن المجتمع الذي يحترم المرأة ويمنحها الأهمية في الوقت المناسب، سيكون مجتمعًا صحيًا وقويًا.
11. هل ترين أن مواقع التواصل أنصفت الفنان الحقيقي أم غيّبت المعايير؟
لحسن الحظ أو لسوء الحظ، كانت وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة جدًا لبعض الأشخاص، وللبعض الآخر كانت ضررًا. فالأشخاص الذين هم مشغولون بهدفهم وبسلام داخلي ولا يسعون إلى الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نادرًا ما يُلاحظون، وحقوقهم تُهدر.
في هذه الأيام، يجب تعليم كيفية تقديم كل شخص بالطريقة الصحيحة على وسائل التواصل الاجتماعي.
12. ما المشروع الفني الذي تحلمين بتحقيقه؟
أحد الأدوار التي أحب أن ألعبها هو دور تاريخي،
ثم دور امرأة كردية ويزيدية وبلغة مختلفة. أعتقد أنه من خلال هذه الطريقة يمكنني إيصال الرسالة بشكل صحيح.
13. ما رسالتك للشباب العراقي الطامح لدخول المجال الفني؟
رسالتي إلى جميع شباب الجيل الجديد هي أن الجرأة وحدها ليست كافية، ففي بعض الأحيان يجب أن نتحلى بالصبر ونتعلم. التعلم هو أجمل شيء لكي يتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم بشكل صحيح وبالجرأة والجمال الذي يتمتع به هذا الجيل
14. لو لم تكوني فنانة… ماذا كنتِ ستختارين؟
لم أستطع التفكير في شيء سوى الفن. إذا لم أكن فنانة، لكنت ممكن مصممة مجوهرات، حيث أن تصميم المجوهرات هو جزء من الفن. في كل الأحوال، الفن هو كل شيء بالنسبة لي.