
منتدى الإعلاميات العراقيات يوثق أكثر من 85 انتهاكًا بحق صحفيين وصحفيات خلال عام واحد، بينها 12 حالة استهدفت إعلاميات بتهديدات وإساءات وتحرش وقضايا قانونية (3 أيار 2024 – 3 أيار 2025)
اعداد وحدة الرصد والتوثيق في منتدى الاعلاميات العراقيات (IWJF)
مقدمة :
رغم مرور 20 عامًا على إقرار الدستور العراقي الذي كفل حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام، لا تزال هذه الحقوق تتعرض لانتهاكات ممنهجة من قبل السلطات المحلية والأمنية وبعض الجهات السياسية المتنفذة، بالإضافة إلى سياسات مؤسسات الإعلام الرسمية التي تفرض رقابة مقيدة على محتوى الإعلاميين، وتحد من حرية التعبير والتجمع السلمي.
اعتمد التقرير على منهجية الرصد الميداني والتوثيق المباشر للانتهاكات، مع تحليل السياسات العامة الرسمية
المتعلقة بحرية الإعلام، والإبداع، والتظاهر السلمي، وحقوق المرأة في الوسط الإعلامي.
وهي الملفات التي عكف منتدى الاعلاميات العراقيات على رصدها وتوثيقها ، فضلًا عن تقديم الدعم القانوني إلى ضحايا تلك الانتهاكات عبر العيادة القانونية في المؤسسة.
وثق وحلل التقرير في مضمونه أنماط الانتهاكات والوقائع التي تم رصدها خلال الفترة الممتدة من ( 3 أيار 2024 وحتى 3 أيار 2025) ، استنادًا إلى منهجية الرصد والتوثيق المعتمدة من قبل مؤسسة منتدى الإعلاميات العراقيات. وقد وثق التقرير صدور ستة قرارات رسمية تتضمن إجراءات حكومية وإدارية تُعد مهددة لحرية الإعلام والتعبير والتظاهر، وهي حقوق مكفولة بموجب الدستور العراقي النافذ لعام 2005. كما أشار التقرير إلى تعثر إقرار التشريعات المتعلقة بتنظيم قطاع الإعلام.
شهدت هذه الفترة تسجيل أكثر من 85 انتهاكًا ضد الصحفيين، تنوعت بين القتل، الاعتقال، الاحتجاز، التهديد،
منع التغطية، والاعتداءات الجسدية، إضافة إلى 12 حالة تخص إعلاميات تعرضن للتحرش، والابتزاز الإلكتروني،
والعنف المؤسسي، والدعاوى القضائية، والتمييز في بيئة العمل الإعلامية.
ينقسم تقرير رصد حالة حرية الاعلام والتعبير في العراق إلى خمس محاور ، نحاول من خلالها تسليط الضوء على أبرز السياسات العامة والاجراءات بصدد حرية الاعلام والتعبير فضلًا عن عرض وتحليل لأبرز أنماط الانتهاكات التي حصلت خلال فترة اعداد هذا التقرير وكيفية معالجتها.
اولا: اجراءات تنفيذية وتشريعية.
ثانيا: حرية الإعلام والتعبير والتظاهر السلمي
ثالثا: حرية الإبداع
رابعا: التمييز والاساءة للمرأة
خامسا: التوصيات
اولا: قرارات واجراءات تنفيذية وادارية وتشريعية
- تواصل السلطة التشريعية الامتناع عن إقرار حزمة من القوانين الأساسية المتعلقة بحرية الإعلام، من بينها: قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي، وقانون الحق في الحصول على المعلومة، ما يُعد إخلالًا بالتزامات العراق بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها. كما لا يزال قانون هيئة الإعلام والاتصالات معلقًا دون إقرار، إلى جانب غياب التعديلات اللازمة على قانون حقوق الصحفيين.
- وزارة الاتصالات تقدمت بطلب إلى مجلس الوزراء لحجب تطبيق “تيك توك”، مبررة ذلك بعدم احتوائه على محتوى علمي أو تعليمي مفيد، واعتباره سببًا في “تفكك النسيج المجتمعي العراقي”، بحسب تعبيرها.
- كما قررت الوزارة حجب موقع وكالة ABC عربية داخل العراق، دون سابق إنذار أو توضيح للأسباب، ما أثار مخاوف تتعلق بحرية تداول المعلومات.
- مجلس المفوضين في هيأة الاعلام والاتصالات يصدر بيانا بتاريخ 19/10/2024 يوجه توجه بإلغاء رخصة قناة MBC في العراق تحت ذريعة انتهاك قناة MBC الفضائية للوائح البث الإعلامي .
- في 27 تشرين الأول 2024، أصدر رئيس هيأة الإعلام والاتصالات، علي حسين المؤيد، توجيهًا بمنع ظهور واستضافة المحللين السياسيين انتفاض قنبر وثائر البياتي في جميع وسائل الإعلام العراقية.
- في28 آذار 2025، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات قرارًا بمنع ظهور المحلل السياسي بشير الحجيمي في وسائل الإعلام العراقية حتى إشعار آخر، من دون تقديم توضيحات علنية لأسباب هذا المنع.
ثانيا: حرية الإعلام والتعبير والتظاهر السلمي
خلال فترة إعداد التقرير، وثّق منتدى الإعلاميات العراقيات استمرار استهداف الصحفيين والصحفيات من قبل الأجهزة الأمنية في بغداد وإقليم كردستان، بالإضافة إلى بعض الحكومات المحلية، وذلك من خلال إجراءات تضمنت الضرب، الاعتقال، الاحتجاز، مداهمة المنازل، وتحطيم المعدات الصحفية.
وعلى صعيد الحق في التظاهر والتجمع السلمي وتغطيته إعلاميًا، رصد المنتدى تصعيدًا في الانتهاكات بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي تولّت تغطية هذه الفعاليات. وقد سجل المنتدى 85 حالة انتهاك توزعت بين القتل، الاحتجاز، السجن، المنع من التغطية، الضرب، الاعتداء الجسدي، مصادرة المعدات، التحرش، الابتزاز، وتوجيه اتهامات، ووقعت هذه الانتهاكات في عدة محافظات عراقية، بينها 12 حالة استهدفت صحفيات.
كما شهدت الفترة رصد حادثة لافتة بتاريخ 22 أيار 2024، تمثلت بقيام نقيب الصحفيين بسحب اعتماد صحيفة “الدستور”، بعد نشرها تقريرًا عن استثنائه من إجراءات المساءلة والعدالة، ما يمثل تضييقًا واضحًا على حرية الصحافة.
وفي سابقة خطيرة أخرى، أصدر رئيس شبكة الإعلام العراقي في 9 حزيران 2024 عقوبة إنذار بحق مقدم البرامج الرياضية غزوان شاكر، وذلك على خلفية منشور له عبر “فيسبوك”، اعتبره رئيس الشبكة موجهًا إليه شخصيًا، في خطوة تؤشر على تزايد الرقابة على الآراء الشخصية للعاملين في المؤسسات الإعلامية الرسمية.
الجدول ادناه يوضح بعض الحالات التي تم رصدها وتوثيقها :
جدول-باهم-الحالات-التي-تم-رصدها-بشان-حرية-الاعلام-والتعبيرتنزيل
- الدراما العراقية في مرمى الانتقاد السياسي: في تصعيد لافت، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في 2 آذار 2025، الدراما العراقية بأنها “تكاد تكون هابطة المحتوى إلا ما شذ وندر، وغالبًا ما تكون بعيدة عن الواقع العراقي وفيها من الكذب الكثير”. وأضاف أن “متابعتها إعانة على الإثم”، داعيًا إلى الابتعاد عن مشاهدتها خلال شهر رمضان.
- نقابة الفنانين العراقيين تصدر بيانا تؤكد فيه أن “الدراما العراقية تعكس واقع المجتمع وتتناول قضاياه وهمومه”، داعية إلى دعم الفنانين والمبدعين بدلاً من التقليل من جهودهم.
رابعا: التمييز والاساءة ضد المرأة
- تلقت العيادة القانونية في منتدى الإعلاميات العراقيات (IWJF) عددًا كبيرًا من الشكاوى من إعلاميات ينتمين إلى مختلف التخصصات، أفدن فيها بتعرضهن لممارسات تمييزية ومضايقات داخل المؤسسات الإعلامية. وأشارت مجموعة من الصحفيات إلى وجود تمييز واضح في فرص المشاركة بالورش والمؤتمرات، والمقابلات الرسمية، والوفود الإعلامية، بالإضافة إلى استبعادهن من تولي مواقع قيادية ومراكز صنع القرار.
- كما تم توثيق حالات فصل تعسفي مفاجئ لأربع إعلاميات دون سابق إنذار، نتيجة لعدم وجود عقود عمل رسمية تحمي حقوقهن المهنية، الأمر الذي تسبب في ضياع حقوقهن وصعّب عليهن تأمين فرص عمل بديلة في وقت قصير.
- رصد (IWJF) استمرار بعض المؤسسات الإعلامية في تكريس الصورة النمطية للمرأة من خلال ما تنتجه من برامج وأعمال درامية، دون الاستفادة من التجارب الإقليمية والدولية التي نجحت في تعزيز صورة المرأة وتمكينها، لا سيما في مجال الدراما الهادفة إلى مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص العنف الأسري وما يترتب عليه من آثار اجتماعية.
- كما لاحظ (IWJF) ضعفًا ملحوظًا في البرامج المخصصة لقضايا المرأة، مع التركيز على البرامج الترفيهية والمنوعة فقط، دون التطرق إلى القضايا الجوهرية التي تمس واقع النساء.
- على صعيد آخر، تستمر الإساءات للصحفيات عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تُدمج أدوارهن المهنية مع صور نمطية تتعلق بالفاشنيستات والمدونات، في محاولة لتبرير الإهانة والتجاوز بحقهن سواء داخل المؤسسات الإعلامية أو في الحياة العامة، ما يشكل تهديدًا خطيرًا على مكانة المرأة الإعلامية واحترام دورها المهني.
- خامسا: التوصيات
• يدعو منتدى الإعلاميات العراقيات (IWJF) البرلمان والحكومة العراقية إلى الإسراع في تشريع قانون الحق في الحصول على المعلومة وقانون حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، باعتبارهما من القوانين الأساسية الضامنة لحرية التعبير وتعزيز الممارسة الديمقراطية.
• ويؤكد (IWJF) على ضرورة التزام المؤسسات الأمنية كافة باحترام الحقوق الدستورية في حرية التعبير، الإعلام، والتظاهر السلمي، والامتناع التام عن استخدام العنف ضد الإعلاميين والمواطنين، سواء أثناء تغطية الأحداث أو خلال المشاركة في التظاهرات.
• كما يطالب الجهات الأمنية المعنية بتوفير الحماية الكاملة للصحفيين والصحفيات من مخاطر الخطف، الاغتيال، والابتزاز، وضمان بيئة آمنة لممارسة العمل الصحفي بحرية ومسؤولية.
• وفيما يتعلق بإقليم كردستان، يدعو المنتدى حكومة الإقليم إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين بسبب آرائهم، ووقف كل أشكال الاستهداف والتضييق على الصحفيين والإعلاميين، بما في ذلك الإقصاء من العمل الإعلامي نتيجة التعبير عن الرأي.
• يشدد (IWJF) أيضًا على أن معالجة المحتوى السيئ لا يجب أن تتم عبر المنع أو القمع، بل من خلال برامج توعوية وتثقيفية، والتنبيه المسبق إلى الآثار القانونية المحتملة، بما يرسّخ الثقافة القانونية لدى مستخدمي وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
• وفي هذا السياق، يهيب (IWJF) بـ لجنة الثقافة والإعلام النيابية ولجنة المرأة النيابية تكثيف الرقابة على أوضاع الإعلاميات في المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية، ومتابعة مدى العدالة في التوظيف، التمثيل، والمشاركة في صنع القرار، مع ضمان عدم التمييز القائم على النوع الاجتماعي.
• كما يدعو جميع المؤسسات الإعلامية إلى تنظيم ورش تدريبية للصحفيين والصحفيات، بهدف تمكينهم من مواجهة التهديدات والابتزازات الإلكترونية، والتعامل الآمن مع محتوى منصات التواصل الاجتماعي بما يضمن صورة لائقة للاعلاميين والاعلاميات.
• ويختتم (IWJF) توصياته بدعوة شبكة الإعلام العراقي إلى تخصيص مساحة كافية للبرامج المعنية بشؤون المرأة، وضمان عدم التمييز بين الجنسين في إعداد وتقديم هذه البرامج، بما يعزز التمثيل الإعلامي العادل والمنصف للمرأة العراقية.