
د. محمد وليد صالح
باحث وكاتب
قمة بغداد العربية الثالثة والعشرين لعام 2012 ذات القيمة الاعتبارية والمعنوية للعراق بعد نجاحها، التي حضرها قادة العالم العربي جاءت بهم المسؤولية الوطنية وإرادة شعوبهم، ورسمت ملامح جديدة تعكس عمق التجربة والعقلانية بخطاب جديد وحوار حضاري هادئ، كرس ثقافة التسامح، فضلاً عن إعلان رئيس المجلس الانتقالي الليبي عودة العلاقات الدبلوماسية مع العراق، وبشأن التمثيل الخليجي في أعمال مؤتمر القمة بحضور أمير دولة الكويت، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الأخوية مع العراق بعد انقطاع دام (22) عاما مع الإطلالة الفسيحة على الخليج العربي.
ولأننا اليوم أمام ذهنية سياسية جديدة أنتجتها تحوّلات إعادة التوازنات الإقليمية والدولية.
في حين تناولت قمة بغداد الرابعة والثلاثين برئاسة العراق لعام 2025 موضوعات تهم المواطن العربي سياسياً لتحقيق الاستقرار وتنموياً لتحقيق التطور المستدام ذاته لم تشر إليها القمم السابقة، بروابط الأخوة والدم والدين ومواجهة التحديات الإقليمية المشتركة، جمعت بغداد التأريخ والحضارة الأشقاء لصياغة رؤية استراتيجية للمستقبل شاملة الحوار والتضامن والتنمية، طرح إعلانها (18) مبادرة ستراتيجية، لترسيخ نهج التوازن وتعزيز كرامة المواطن العربي وحرياته العامة والاهتمام بالملف الاقتصادي العربي بما فيه الأمن المائي والاقتصاد الأخضر وتطوير السياحة والحد من الكوارث وكيفية القضاء على الإرهاب، فضلاً عن التركيز على موضوع حلحلة أزمة أوضاع غزة ولبنان وسورية والسودان وانعكاساتها بعد ان أصبح دولياً أممياً، وهذا يتطلب تطويق الأزمة وعدم دعم طرفي الصراع على الآخر مادياً ومعنوياً.
ولاسيما بعد ان سبقت انعقاد المؤتمر التحضيرات الإعلامية المحدودة مقارنة مع الحدث، إذ ركز الإعلام الرسمي على التغطية الإعلامية لتهيئة الأماكن واستعدادات العراق السياسية والاقتصادية لاستقبال أعمال القمة، ومقابل ذلك نلاحظ اهتماما نسبيا بالحدث في الإعلام غير الرسمي عند الإشارة إليه في النشرات الإخبارية، فضلاً عن عقد مؤتمرات صحفية جمعت بين وزير الخارجية العراقي ومساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية ونظرائه الضيوف سبق الانعقاد، وكذلك قلة ظهور اللقاءات الصحفية المنفردة لوزراء التجارة والاقتصاد والعمل ومتابعة وقائع فعاليات مؤتمرهم ليتحدثوا عما تبلور عن اجتماعاتهم ليومين سابقين للقمة، فضلاً عن التحضيرات اللاحقة إذ اقتصرت على عقد مؤتمر صحفي بين وزير الخارجية العراقي والأمين العام لجامعة الدول العربية بعد قراءة البيان الختامي للقمة، وتحدثا عن مواصلة اعتماد مقررات البيان داخل البيت العربي..
مما يؤشر إلى أن التحضيرات الإعلامية كانت مقننة في حين ذكرت الأنباء عن حضور قرابة ألف صحفي محلي وأجنبي، ضمهم المركز الصحفي الخاص لتغطية وقائع مؤتمر القمة وتلاها مؤتمر الإعلام العربي الرابع لرسم مسار مواجهة تحديات التغييرات المناخية والتوعية
بأهميتها.
وكان الإعلام الأجنبي مشغولاً بقضايا أخرى تمثل أهمية بالنسبة له، فقد عكس مقولة إن (الإعلام لمالكه) وكيفية تأثره بفلسفة الدولة السياسية المسؤولة عنه، وبالتالي فإن تأكيد حضور نشاطات العلاقات العامة بصورة أكثر فاعلية أثناء انعقاد مؤتمر القمة، ليرى قادة الدول وزعمائها ومجتمعاتهم حقيقة الأوضاع في العراق وفرصة لبناء وتصحيح الصورة الذهنية الإعلامية والسياسية.