
نورا النعيمي
تُعتبر المرأة العراقية رمزًا للإبداع والتميز عبر التاريخ. لقد كان لها دورٌ بارز في النهضة النسوية بالعراق، حيث شاركت النساء العراقيات بفاعلية في العديد من المؤتمرات النسوية والإنسانية، سواء داخل البلاد أو خارجها. ومن بينهن، تبرز مجموعة من النساء اللاتي ساهمن بشكل لافت في هذه الإنجازات.لقد تركت النساء بصمات واضحة في تاريخ العراق، حيث دخلن مجالات كانت حكراً على الرجال في بداية القرن العشرين. ومن أبرز هؤلاء النساء كانت الصحافية العراقية مريم نرمه التي برزت عام 1921. كما تولت العديد منهن مناصب قيادية في مجالات مختلفة، مثل آسيا توفيق التي شغلت منصب رئيسة تحرير مجلة الاتحاد النسائي في عام 1949.
شاركت المرأة العراقية أيضًا في الجمعيات الخيرية، حيث كانت من أوائل الجمعيات التي أسست للدفاع عن حقوق المرأة، مثل جمعية ورابطة الدفاع عن حقوق المرأة. تحمل المرأة العراقية في داخلها مفهومًا أخلاقيًا محملًا بالقيم والشرف، فقد عاشت تجارب متعددة من المعاناة والصراعات والتناقضات، مما أسهم في وصولها إلى مكانة مرموقة تمكّنها من الارتقاء بواقعها عبر العصور. ومنذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، بدأ وضع المرأة يتأثر بشكل ملحوظ؛ تأثرت النساء بشكل ملحوظ بالعقوبات المفروضة على العراق، حيث انعكس هذا التأثير بشكل خاص على دور المرأة، الذي شهد تراجعاً كبيراً خلال فترة الحصار. فمع ازدياد الظروف القاسية، أصبحت معظم النساء معيلات رئيسيات لعائلاتهن نتيجة للحرب واستشهاد رب الأسرة. وقد فقدت المرأة العديد من المكتسبات التي كافحت لعقود طويلة من أجل تحقيقها، ورغم بدايات الازدهار والتقدم التي شهدتها بعد ذلك، إلا أن الأوضاع الصحية والاجتماعية للمرأة لم تتحسن بشكل ملحوظ حتى بعد عام 2003.كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش عن أن حقوق النساء في العراق لا تزال في حالة مزرية، وبالأخص بالنسبة للصحفيات والناشطات. وأشارت منظمة الأمم المتحدة إلى أن مليونًا ومائتي ألف امرأة عراقية تعرضن للعنف والتشريد، مما يعكس خطورة الانتهاكات التي يتعرضن لها. ومع ذلك، بدأت النساء في العراق في النهوض وتحسين واقعهن.تمكنت من تحقيق بعض الحقوق والحريات التي ناضلت من أجلها، فحققت نجاحات واسعة مثل الحصول على الشهادات المحلية والدولية، كما انخرطت في العمل المدني والسياسي. لكن سرعان ما واجهت صعوبات جراء التنظيمات الإرهابية التي استولت على بعض مناطق البلاد، مما جعلها تعاني لعدة سنوات من الاعتداءات والاعتقال والتعذيب. تسعى هذه التنظيمات إلى إعادة المرأة إلى الوراء، وقد أدت هذه النكسة إلى تهميش حقوق المرأة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا خلال فترة احتلال تنظيم داعش الإرهابي؛ على الرغم من التحديات والمعاناة التي واجهتها، استطاعت المرأة العراقية تعزيز دورها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فهي تتمتع بقدرة مذهلة على مواجهة الصعوبات والتكيف مع الظروف المختلفة. يمكننا القول إن جميع النساء العراقيات يمتلكن مهارات resilience استثنائية، فضلاً عن ذكاء فطري يمكنهن من تجاوز العقبات والصعوبات التي تعترض طريقهن تستطيع المرأة العراقية اليوم، على الرغم من التحديات التي تواجهها، أن تخلق شيئًا يليق بمكانتها.