
بغداد – اصيل العلي
في التاسع عشر من حزيران من كل عام، يحيي العالم اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، وهو مناسبة لتسليط الضوء على واحدة من أبشع الجرائم التي تُرتكب بصمت في ظل الحروب والنزاعات، وتُترك آثارها لسنوات على الضحايا والمجتمعات بأكملها.
وفي العراق، لا تزال آثار هذه الانتهاكات حاضرة، خصوصًا ما تعرضت له النساء والفتيات خلال سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من البلاد بين عامي 2014 و2017، حيث تحوّل العنف الجنسي إلى سلاح حرب ممنهج استخدمه التنظيم في مناطق مثل الموصل وسنجار وتلعفر.
ضحايا بلا عدالة
بحسب تقارير أممية، تعرّض آلاف النساء الإيزيديات للاختطاف والاغتصاب والاستعباد الجنسي على يد عناصر داعش، ولا يزال قرابة 2700 منهن في عداد المفقودات حتى اليوم. ورغم تحرير الأراضي من سيطرة التنظيم، فإن العدالة لم تأخذ مجراها الكامل بعد، إذ لم يُحاسب عدد كبير من الجناة.

تقول “ليلى”، إحدى الناجيات من قبضة داعش، وهي من سنجار:”نجوت من الجحيم، لكن ما زلت أعيش كابوسًا. لم تُعِد لي المحاكم كرامتي، ولا الدولة وفّرت لي حياة جديدة.”
الوصمة والسكوت الإجباري
رغم الجهود الحكومية والدولية، لا تزال كثير من الضحايا يمتنعن عن التبليغ بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية والنبذ، ما يجعل من الصعب توثيق الأعداد الحقيقية، أو توفير الرعاية النفسية والقانونية اللازمة لهن.
تقول المحامية والناشطة “علياء الحسني ”: “الناجيات لا يحتجن فقط إلى الاعتراف القانوني، بل إلى إعادة دمج اجتماعي كامل، يبدأ بكسر الصمت المحيط بهذه الجرائم.”
جهود حكومية وخجولة
رغم إعلان العراق عن تشكيل مديرية عامة لرعاية الناجيات، وإصدار قانون الناجيات الإيزيديات في عام 2021، إلا أن تطبيق القانون ما زال بطيئًا، ويفتقر إلى تغطية شاملة لكل الضحايا، خصوصًا من غير الإيزيديات، اللواتي تعرّضن لانتهاكات مماثلة.

دعوات إلى المساءلة والإنصاف
في هذه المناسبة، دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) إلى “تعزيز الجهود من أجل محاسبة مرتكبي العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، وضمان حقوق الناجيات في العدالة والتعويض والحياة الكريمة”.
كما دعت منظمات نسوية عراقية إلى توسيع نطاق الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني، وتخصيص برامج تمكين للنساء المتضررات.
وتؤكد الناشطة بتول الداغر لابد من خطوات فعلية لتوسيع تنفيذ قانون الناجيات ليشمل جميع المتضررات من النزاعات، دون تمييز. وتوفير برامج دعم نفسي وإعادة تأهيل للناجيات، خاصة في المناطق المحررة. وإطلاق حملات توعية لكسر الصمت المجتمعي والتصدي للوصمة إضافة إلى تفعيل التعاون بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والجهات الدولية في جمع الأدلة ومحاسبة الجناة.