ازمة الطلاق .. تهدد فكرة الاستقرار والتأقلم بين مكونات الاسرة

نبراس جمال

في ظل التطورات الاجتماعية، و الاقتصادية، و البيئية، التي يشهدها مجتمعنا، تأخذ هذه التطورات دوراً في تغيير التركيبة الفكرية للفرد ، و طريقة تأقلمهِ وفق هذه المتغيرات، لذلك نجد أنفسنا احياناً، واقفين على أعتاب أزمات لا نهائية، و مواجهة التحديات التي تتسبب بعرقلة سير الحياة على النحو المطلوب.
إحدى هذه الأزمات التي يجب الالتفات إلى حقيقتها، و الوقوف عند أسبابها ، هي أزمة الطلاق” التي ازدادت بشكل كبير مؤخراً ، و بدأت تؤثر سلباً على تكوين ميكانيكية المجتمع الرصينة، و تهدد فكرة الاستقرار ، و التقبل، و التأقلم بين مكونات الاسرة.
الطلاق
يتم الطلاق عادة باتفاق بين الزوجين ، أو بإرادة أحدهما، فيتم الانفصال و فسخ عقد الزواج، يأتي قرار الطلاق بعد عدة إشارات، تنذر بحدوث الطلاق بين الشريكين، و تهدد استقرار الأسرة، خاصة إذا لم يتم الأخذ بجدية هذه الإشارات التي قد تكون بسبب الزوج أو الزوجة، و قد يعود ذلك لخلل في قيادة و إدارة الأمور الأساسية للزواج، أو عدم تنفيذ المهام و الواجبات التي تقع على عاتق الزوجين، لكن الطرف الأساسي المسؤول، يكون أحياناً” جاهلاً بتصرفاته التي تؤدي إلى انهيار الزواج،
هناك مجمل من الأمور المتعلقة بقضية الطلاق، و التي أثرت على استمرار عقد الإرتباط، و الحفاظ على الأسرة من التفكك و الضياع، إن مجتمعنا العراقي بصورة خاصة، وضع الكثير من العوائق التي تسببت لزالت تتسبب بتدمير البنية الأساسية للأسرة.
اهم أسباب الطلاق
لا يخفى علينا أن هناك أسباب مادية أو معنوية، تقف خلف كل قضية طلاق، بعض هذه الأسباب يمكن تلافيها أو اعتبارها غير مهمة، و يمكن معالجتها بالتفاهم بين الشريكين، و البعض الآخر من هذه الأسباب، تكون مؤذيةً، لانها تقتل الرغبة في البقاء، أو محاولة التحمل و الإستمرار، لذلك يكون خيار الطلاق هو الخيار الأمثل
اهم الأسباب المادية للطلاق
1-الفقر
2- عدم وجود دخل مادي يسد حاجة الأسرة
3-غلاء المنتجات التي تستهلكها الأسرة
4-عدم حصول الزوج أو الزوجة أو كلاهما على وظيفة أو عمل ثابت
5-عدم وجود منزل خاص بالعائلة
6-الحالة الاقتصادية التي يعاني منها البلد
أهم الأسباب المعنوية للطلاق
1-الخيانة
2-الكذب
3-الإهمال
4-الشك و غياب الثقة بين الطرفين
5-عدم التوافق
6-تدخل أهل الزوج أو الزوجة في حياة الأسرة
7-تعدد الزوجات
8-عدم الإنجاب، أو إنجاب جنس معين من الأطفال
9-العنف الأسري
10-الزواج في سن صغير
11-الإستبداد في الرأي و التسلط و التحكم بحياة الزوجة من قِبل الزوج
13-إصابة احد الزوجين بمرض معين مثل الشلل أو الجنون
تفكك أسري و عواقب وخيمة
إن وجود الأطفال بين زوجين منفصلين، و عيشهم مع أحد الأبوين، أو بعيداً عن كلاهما، يعد أمراً بالغ الصعوبة، إذ إن الأطفال الذين ينشؤون خارج الدائرة الحقيقية للعائلة، يعانون الأمرّين في هذه الحياة، و يتعرضون بشكل متكرر للسخرية من الأهل، أو الأقارب، أو المجتمع، و أحيانا من أحد الوالدين، و الانتقاص منهم دون التفكير بسلبيات و عواقب هذه التصرفات، التي تسلب حق الطفل و رغبته في عيش حياة مستقرة، أو انعكاسها على كيفية نشأت الطفل في بيئة تخلو من الأب أو الأم أو كلاهما، و تأثيرها على نفسية الطفل، إذا أن هذه التصرفات السيئة يترتب عليها الكثير من النتائج السلبية التي تسبب ضرراً نفسياً طويل المدى، تبدأ آثارها بالظهور على شخصية الطفل بعد أن يصل إلى مرحلة الوعي و النضج.
الحل المناسب
لقد ازدادت مؤخرا حالات الطلاق في العراق، فبحسب إحصائية أصدرها مجلس القضاء الأعلى، بين أن عدد حالات الطلاق لشهر حزيران 2022 قد بلغ (6330)حالة طلاق، ما بين طلاق التفريق بحكم قضائي، و حالات تصديق طلاق خارجي.
إن وجود هذه الأرقام، هو أمر يستدعي الإهتمام، و الإنتباه، و أيضا يستدعي تشريع بعض القوانين التي تدعم أسس الزواج و الإرتباط، للتقليل من حالات الطلاق ،خاصة و إن بعض أسباب الطلاق لا تقف عند حالة مادية أو معنوية فقط، بل هي بسبب أمور أخرى أكثر أهمية، منها زواج القاصرات، أو زواج المراهقين، أو زواج الفصلية، أو لجوء الأهل لتزويج بناتهن بسبب الحالة المادية السيئة.
مهما تعددت و كثرت الاسباب، يكون قرار الطلاق واحد، ليس فيه من تراجع أو حتى محاولة لإصلاح ثقوبه، قبل أن يقع جميع أفراد العائلة من هذه الثقوب.
إن دور القانون في حماية هذه الفئة الشابة له أهمية قصوى، فأن تشريع قانون يمنع زواج القاصرات، و زواج الفصلية التي تسبب إهانة كرامة المرأة ، و تمس بقدسية الزواج الحقيقية، سيكون من أول الخطوات التي ستظهر نتائجها بشكل سريع، و فعال خلال مدة قصيرة.

إننا نعلم صعوبة العيش في هذه الأيام، و ما يعانيه المرء من ضياع و تشتت، فقد اختار البعض منا أن يتصرف وفق إرادته دون التفكير بالنتائج الواقعية، لكن أمر مهماً كأمر الزواج، يحتاج لجدية في التفكير و إعادة النظر بكل جوانبه، و معرفة التفاصيل المبهمة عنه، لأن الاستمرار على نحو خاطئ فيه، سيبقي ذات النتائج العقيمة، و ترتفع الأرقام حتى نفقد السيطرة عليها بشكل كلي، لذلك من المهم جداً تدارك الأمور عندما تكون في متناول اليد.

شاهد أيضاً

التعنيف اللفظي والنفسي.. كابوس لم يُسلط الضوء عليه

آية منصور تبدو التربوية انتصار محمد، قلقة على بعض طلابها الذين وفي كل عام دراسي، …

error: Content is protected !!