تقرير أميركي: بغداد “محبطة” من دول الخليج خلال مؤتمر الكويت

صوتها – بغداد

كان العاشر من تموز الماضي، واحداً من افضل ايام حيدر العبادي الرئاسية، كان مُحاطاً بجنرالات الجيش العراقي وهو يعلن الانتصار على تنظيم داعش في الموصل، إثر قتال استمر تسعة أشهر من منزلٍ الى آخر اثمر عن دحر اقوى تنظيم ارهابي ظهر قبل ثلاث سنوات.

كان ذلك اليوم، انتصاراً واضحاً لكل العراقيين الذين بدوا شاكرين، حتى لو كان العديد منهم يعرفون في اذهانهم ان بلدهم ينتظره طريق طويل ليعود الى وضعه الطبيعي. وخلال مؤتمر المانحين والاستثمار الذي جرى في الكويت الأسبوع الماضي، اتيحت الفرصة للمسؤولين العراقيين تقديم قضيتهم. وفي الحقيقة انها مجموعة قضايا من جملتها ان العراق لن يكون قادراً على اعادة بناء مناطقه المتضررة دون مساعدة مالية دولية.

وعلى الرغم من أن العراقيين محظوظون بما فيه الكفاية للجلوس على آبار عريضة النفط الخام الجاهزة للتصدير، فان مدى الدمار الناجم عن الحرب وتذبذب اسعار النفط، يتعين على شخص ما ان يكون سخياً للتعويض في ظل عجز بغداد.

وهذا هو بالضبط السبب وراء إقامة مؤتمر الكويت الذي كان هدفه في المقام الأول جلب المانحين من الشرق الاوسط واوربا والولايات المتحدة الى قاعة واحدة ليتمكن العراقي وحلفاؤه من الضغط على النقد من البلدان الاقل تحدياً من الناحية المالية.

ويقدر العراق انه بحاجة الى 88 مليار دولار لاعادة بناء ما دُمر، من أصل 100 مليار دولار، وفقاً لما ذكره وزير التخطيط سلمان الجميلي بعد انتهاء معركة الموصل.

وانتهى المؤتمر بتبرعات وصلت قيمتها 30 مليار دولار، وهو ما يمثل جزءاً بسيطاً، مما يأمله القادة العراقيون، فشعروا بالخيبة وكان هذا واضحاً في صوت وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري حين شكر المانحين الذين ساهموا بكرمهم.

وبالنسبة للعراقيين، فان مبلغ 30 مليون دولار ليس كافياً. ويمكن القول إن البلد يمضي في طريق سيء في حال لن تتم عملية اعادة البناء. اما مدينة الموصل، حيث ما زال العاملون هناك يحفرون ارضها بحثاً عن الجثث المنتشرة، ورفع الانقاض، وأكثر من  2.3 مليون عراقي مشرد عالقين في مخيمات كردستان او الصحراء القاسية.

أما اولئك الذين لديهم وسائل للعودة الى احيائهم، تجد منازلهم مدمرة، وهذا ما دفع الامم المتحدة الى تقييم الاضرار وتشكيل فريق لإزالة الالغام لأنها تحتاج الى عقد من الزمان للعثور على جميع القنابل غير المكتشفة المخيفة في كل ركن من البيوت.

وكل هذا الحراك، يهدف الى اعادة توطين اللاجئين وتوفير المساعدات المالية للأسر النازحة، لإغراء المستثمرين الدوليين في السوق العراقية.

ومما لا شكل فيه، فان الحكومة العراقية تشعر بالإحباط لان دولاً كثيرة لا ترغب في المساعدة رغم انتهاء الصراع. ويُوجه اللوم بشكل خاص الى السعودية والامارات والكويت وقطر، جيران العراق الذين ساهموا مجتمعين بمبلغ 5 مليار دولار في شكل مساعدات مالية، معظمها قروض بدلاً من المنح. فهل كان هذا منتظر منهم؟

ويحتاج العراقيون الى أن يفهمون أن المجتمع الدولي ينظر الى بلدهم على انه ارض حرب. فالبلد، ليس بيئة ملائمة للاعمال تماماً وسط وجود تيارات سياسية يمكن التنبؤ بها وبيروقراطية وخالية من الفساد. وبسبب الوضع الأمني، تحتاج الشركات متعددة الجنسيات الراغبة في الاستثمار بالسوق العراقية انفاق الملايين من الدولارات على إبقاء موظفيها آمنين ويتمتعون بحراسة امنية مشددة.

ويجب ان يفهم القادة العراقيون ويدركوا ايضاً، ان الغرب ولاسيما الولايات المتحدة، تعبوا من ارسال الاموال الى العراق. وقد انفقت واشنطن مئات المليارات من الدولارات على الرعاية طويلة الاجل لقدامى المحاربين، فضلاً عن مساعداتها الأمنية في اعادة الاعمار. 

انفقت امريكا ايضاً، 25 مليار دولار لبناء قوة امنية محترفة، انهارت بعد ثلاث سنوات من مغادرة القوات الامريكية البلاد. فالفساد داخل النظام السياسي العراق منتسر بشكل كبير، والنزعة الانتهازية والطائفية تسيطران على السياسة العراقية. وبينما يبذل رئيس الوزراء حيدر العبادي قصارى جهده من اجل استئصال السياسة الطائفية، ماتزال المشاكل الواسعة الانتشار آخذة بالتوّسع، فوظيفة الحد من الطائفية لن تقع على عاتق شخص واحد.

الولايات المتحدة، بإختصار استنفدت كل شيء لاجل وضع الحلول في العراق، حتى انها تحدثت عن عدم ارسالها الاموال للعراق سواء منح او قروض، لكنها أكدت ستقوم بتأهيل طريق الرمادي والجسور والطرق السريعة في الانبار.

وهذا لا يعني ان الولايات المتحدة ليس لها دور في العراق على الاطلاق. فيجب ان يكون لدى واشنطن وجود دبلوماسي قوي في البلاد من اجل بناء علاقات جديدة عبر الانقسامات الطائفية والسياسية في العراق.

ويمكن للحكومة الامريكية ان تواصل تمويل العمل الجيد الذي تقوم به منظمات مثل معهد السلام الامريكي الذي نجح في حل النزاعات المحلية والوساطة بين القبائل.

شاهد أيضاً

التعنيف اللفظي والنفسي.. كابوس لم يُسلط الضوء عليه

آية منصور تبدو التربوية انتصار محمد، قلقة على بعض طلابها الذين وفي كل عام دراسي، …

error: Content is protected !!