الفيلم الكلاسيكي الفرنسي “أشياء الحياة” يعرض في مؤسسة شومان

صوتها/ثقافة

تعرض لجنة السينما في مؤسسة مؤسسة عبد الحميد شومان، الفيلم الفرنسي الكلاسيكي، الذي تم إنتاجه في العام 1970، “أشياء حلوة”، من إخراج ” كلود سوتيه”، وذلك ضمن عدد من عروض لجنة السينما، وذبك في مقر المؤسسة بمنطقة جبل عمان في العاصمة الأردنية.

وكان الزميل الصحفي الأردني رسمي محاسنة، قد كتب عن العمل الفرنسي الكلاسيكي، مُشيراً إلى أن الفيلم يضعنا بمواجهة أنفسنا، ويسلط الضوء على ذلك الخوف الساكن في دواخلنا، والخوف الذي يتربص بنا من الخارج، الخوف من المجتمع والمسؤولية والخسارة، وعندما يجتمع الخوف الداخلي والخارجي، فإن التردد هو الذي سيتحكم بنا، ونصبح عاجزين عن اتخاذ القرار، وحتى لو جاء القرار، فانه يأتي متأخرا، ونكون خسرنا كل شيء.

ويبدع المخرج الفرنسي” كلود سوتيه”، بالاقتراب من عوالم انسانية، حيث المهندس بيير”الممثل ميشيل بيكولي”، رجل ناجح في عمله، منفصل عن زوجته كاترين “الممثلة ليا مساري”، التي تعيش مع ابنه، وهو وقع في حب هيلين “الممثلة رومي شنايدر”، حيث يفتح الفيلم على مشهد لإطار سيارة، لتدور الاحداث بزمنين” الماضي والحاضر”، حيث الماضي بكل خيباته، وكل لحظاته السعيدة، والحاضر من خلال ما يسترجعه “بيير” الذي صدمته شاحنة، فانقلبت سيارته، وصار يقاوم الموت في البداية، إلى أن يستسلم له تماما، بعد ان استعرض شريط حياته.

ويضيف الصحفي الأردني بأن فيلم “أشياء الحياة”، يعرض تلك التفاصيل الصغيرة من الذكريات التي يبرع المخرج بتصويرها، حيث البطل بين الغيبوبة والحلم، يستحضر كل قوته ليثبت انه مايزال على قيد الحياة، وانه سينجو، حيث العشب والزهر، ومقدمة حذاء اسود، تمتزج مع ذكرياته، وتلك الرسالة التي كتبها، ولا يريد أن تصل الى حبيبته. إنه يشم رائحة العشب، ويحس أنه متعب، ويخاف ان تصل الرسالة إلى “هيلين” فتسبب لها الصدمة، وتختلط رؤاه بأصوات من حضر الحادث، حيث سائق الشاحنة الذي تسبب بالاصطدام، والشرطة، والزوجان، اللذان كانا معه في الطريق بعد ان تعطلت سيارتهما.

ونسمع صوته الداخلي، صوت روحه، تلك اللحظات المشبعة بالحب، عندما يقول لحبيبته اخلعي النظاره، فتقول له أريد أن أراك جيدا، فيرد عليها، فقط أخبريني ماذا تريدين وأنا أدلك، هذا المشهد الذي يسجل لحظة استثنائية من الحب، عندما يتماهيان ببعضهما البعض مثل المرايا. وتلك الاحباطات، عندما تعرف هيلين بأنه سيذهب مع ابنه وزوجته في رحلة، وتقول له” تحبني لأني هنا، وإذا عبرت الشارع فإنك لن تعيرني أي اهتمام”.

تأخذ الشرطة محفظته والرسالة، لتسليمها لزوجته، وينقلونه في سيارة الاسعاف، حيث يسأله الطبيب عن مكان الالم، إذا كان في معدته او ظهره، فيبتسم ولا يجيب، لان الجرح والالم في حياته، وهنا يفتح على تساؤل كبير، عن هذا الذي نصنعه بانفسنا وحياتنا، عن هذا الخوف والتردد، عن اتخاذ القرار في اللحظة الاخيرة التي لا تتسع لأحلامنا الحقيقية.

وقبل ان يموت” بيير”، يقدم المخرج مشهدا مؤثرا، حيث تختلط أحلامه بذكريات العائلة والاصدقاء والبيت، ويقول” سأخرج من هنا، وعليّ أشياء كثيرة سأفعلها في البيت، واحرق الرسالة، لكيلا اعيش بمفردي”. لكن لحظة النهاية تقترب،” لقد حطموا الاورغ، ونام الموسيقار”. وتتلقى الزوجة خبر الوفاة وهي بغرفة الانتظار، ومن النافذة تشاهد سيدة تركض، لتخبرها استعلامات المستشفى بان حبيبها قد مات، لتعود منكسرة، تتوه وحيدة وسط زحام الحياة، فيما الزوجة “كاترين” تمزق الرسالة بعد ان قرأتها، فقد وصلت الرسالة ايضا في وقت لم يعد لها اي معنى فيه.

“أشياء الحياة”، سيناريو مكتوب بإتقان، رسم دواخل الشخصيات ونفسياتها، وعلاقاتها المتشابكة، دون ان يقع بالارتباك، وبإيقاع مدهش من خلال المونتاج الذي تنقل بسلاسة بين زمنين، اعطى الفيلم هذه الشحنة العالية من المشاعر، وموسيقى كانت حاضرة، تعبر عن اللحظة التي تعيشها الشخصية. وبالطبع ذلك الاداء المدهش ل”ميشيل بيكولي”، والصوت المعبر والمؤثر، وهو يروي تفاصيل حياته، و”رومي شنايدر”، بدور العاشقة والغاضبة والمهزومة، أداء يجسد الشخصيات بعمق وفهم، ويعبّر عن المشاعر والحالة النفسية باتقان شديد.

يقدم المخرج”سوتيه” فيلما متماسكا، وتبقى مشاهد تحطم سيارة “بيير” من المشاهد التي لاتنسى، سواء على مستوى الاتقان بالحركة، او على مستوى توظيف هذه اللقطات بسرد حكاية البطل. وهناك مشهد سريالي بديع، ذلك الذي يجمع بين كل ابطال الفيلم في الاحتفال، قبيل لحظة موت البطل.

ويجدر أخيرا ذكر انه تم إنتاج فيلم أمريكي في العام 1994، بعنوان” تقاطع”، تمثيل ريتشارد غير، كنسخة عن الفيلم الفرنسي، ولم يحقق الفيلم الأمريكي المنسوخ النجاح الذي حققه الفيلم الفرنسي الأصل.

شاهد أيضاً

حوارٌ فاضح

الاء الصوفي اعذرني على ما فعلت ….لم تكن في خاطري أذيتك….لم أعد كسابق عهدي ،تغيرت …

error: Content is protected !!