هل يكفي 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة؟

د.نبراس المعموري

قصة الشقيقات الثلاث باتريا ، ومينيرفا ، وماريا تيريزا ميرابال اللاتي قتلن في 25 نوفمبر عام 1960 ، على يد شرطة جمهورية الدومينيكان؛ بعد معارضتهن للعنف الوحشي الممنهج للحكومة؛ اصبحت رمزًا للمقاومة النسوية، وإحياءً لذكرى اغتيالهن، من خلال إعلان الأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر يومًا عالميًا لإنهاء العنف ضد المرأة .

لفت انتباهي الرقم 16 ! فإذا ما قسمناه على عدد الأشهر لمدة عام سنكون امام 32 ساعة فقط للشهر الواحد وهي حصة التنبيه على ما تتعرض له النساء من عنف.. وهنا اطرح تساؤلاتي .. هل هذه الحملة ساعدت على الحد من العنف؟ ولماذا دوماً نسمع ونرى ونقرأ ارتفاع معدلات العنف ضد النساء في اغلب مدن العالم ؟ هل الخلل بسويعات الحملة وقلتها؟ ام الخلل بالمنظومة المجتمعية التي هي نتاج سياسات متعددة ومختلفة بذات الوقت.

تشير  التقديرات الصادرة من الأمم المتحدة إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا، وقعن ضحايا للعنف بمختلف أنواعه. في حين بلغت ظاهرة قتل النساء في البلدان العربية ذروتها في الأعوام الأخيرة، وعلى سبيل المثال، رصد تقرير عام 2021  تسجيل 296 جريمة قتل للنساء والفتيات في مصر وهو ضعف الرقم الذي تم تسجيله في عام 2020. أما في الجزائر، فقد كشفت مبادرة “لا لقتل النساء”، عن مقتل نحو 55 امرأة من مختلف الفئات العمرية . وفي العراق اشار تقرير لمجلس القضاء الأعلى  إلى زيادة عدد الدعاوى المتعلقة بالعنف الأسري، منذ 2021، حيث سجلت المحاكم ما يقرب 19 ألف دعوى تتعلق بالعنف ضد النساء.

ورغم ما يصدر في مناسبات عدة من تصريحات ودراسات إلا أن هناك نقص واضح في البيانات حول مدى التزام الدول بالتصدي للعنف ضد النساء والفتيات، يرافق ذلك قلة التشريعات والقرارات التي تحد من العنف فمن البلدان العربية التي أدخلت تعديلات على قوانين مناهضة العنف ضد المرأة، تونس، حيث صادق البرلمان في يوليو عام 2017 على إلغاء أحكام الفصل (227)، والذى كان يسمح للشخص المعتدي بالزواج من المُغتصبة التي يكون سنها دون السن القانونية مع إعفائه من جميع التبعات القانونية، وفي لبنان ألغى البرلمان المادة 522 من قانون العقوبات والتي تنص على أنه “إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم مثل الاغتصاب والخطف و بين المعتدى عليها اوقفت الملاحقة، واذا صدر الحكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه” ، وفي 10 يوليو 2020، أعلنت وزارة العدل السودانية أن مجلس السيادة الانتقالي صادق على قانون يجرم ختان الاناث في البلاد. أما العراق  فقد اقر البرلمان في مارس 2021  قانون الناجيات الإزيديات  تعويضا عما لاقينه أثناء اختطافهن وأسرهن على يد تنظيم “داعش” الارهابي بان سيطرته على محافظة نينوى .

وبالرغم من الآليات القانونية والإدارية التي اعتمدتها الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003 للحد من العنف ضد النساء، إلا ان بيانات السلطة القضائية تؤكد ارتفاع معدلات العنف ضدهن، ليأتي تصريح رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بعد تسنمه رئاسة الوزراء متناغما مع ما سجل من ملاحظات، حيث اعلن في مارس 2023 “أن الحكومة لن تتراجع في الدفاع عن المرأة ضد كل أنواع العنف”. واصفا حملة (16) يوم، بانها استراتيجية ترسم المبادئ والتشريعات الخاصة بحماية المرأة، و معلنا عن إطلاق الإستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية(2023-2030).

فهل سيتمكن العراق من ان يكون أنموذجا في مناهضة العنف ضد المرأة ويجعل من ال 16 يوم حملة لكل يوم !!

شاهد أيضاً

أوبك الطاقة المتجددة

د. نبراس المعموري رسمت الصين خطوات انتقالها إلى قائد عالمي في مجال استثمار مصادر الطاقة …

error: Content is protected !!