
رند العيداني
رغم مرور 22 عامًا على التغيير السياسي في العراق، ما زال واقع الطبقة العاملة يعاني من إهمال مزمن، وضعف في التشريعات، وتهميش في السياسات العامة، في وقت تشكل فيه نسبة القوى العاملة ما يزيد عن 40% من إجمالي السكان القادرين على العمل. ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية، ما تزال أوضاع العمال والعاملات تراوح مكانها، بل وتزداد هشاشة، في ظل انتهاكات متكررة لحقوقهم، وغياب الرقابة على بيئات العمل، وارتفاع نسب البطالة والعمل غير المنظم.
بهذا الصدد تشير تقارير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني إلى أن أكثر من 60% من العمال العراقيين يعملون في قطاعات غير منظمة، دون عقود رسمية أو ضمان اجتماعي، ما يحرمهم من أبسط الحقوق مثل الإجازات، والتعويض عند الإصابة، والتقاعد. وتبرز أعمال البناء، والصناعة اليدوية، والنقل، كأكثر القطاعات التي تشهد انتهاكات لحقوق العمال، أبرزها تدني الأجور، وطول ساعات العمل، وسوء ظروف السلامة المهنية.

النساء العاملات: تهميش مضاعف
تقول شيرين وهي ناشطة في مجال حقوق العمال ان المرأة العاملة تعاني تمييزًا مضاعفًا؛ فإلى جانب تدني الأجور مقارنة بزملائها من الرجال، تواجه كثير من النساء في سوق العمل تحديات التحرش، وغياب بيئة آمنة، وندرة فرص الترقية أو الوصول إلى مواقع صنع القرار. وتشير منظمات نسوية إلى أن إنهاء خدمات النساء دون سابق إنذار، أو تحت ذرائع “عدم الانسجام”، بات سلوكًا شائعًا في بعض المؤسسات الخاصة.
وتضيف أن “هناك مئات الشكاوى من عاملات تعرضن للطرد أو الحرمان من الإجازة عند الحمل، ما يمثل خرقًا صريحًا لقانون العمل العراقي والاتفاقيات الدولية”.
اما المحامية أصيل فتؤكد رغم وجود نقابات واتحادات عمالية في العراق، إلا أن تأثيرها في الواقع محدود. فالكثير منها يعاني الانقسام والتسييس، مما يضعف قدرتها على الدفاع عن حقوق العمال والعاملات بفعالية. وفي مناسبات عدة، شكا عمال من تعرضهم لضغوط لمنعهم من الانضمام لنقابات حرة أو الاحتجاج على ظروف العمل.
من جانب آخر يؤكد المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حسن خوام أن لدى الوزارة العديد من المساهمات لدعم شريحة العمال، منها تشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي الذي يحتوي على العديد من الامتيازات للعمال والموظفين العاملين في القطاع الخاص.
كما أشار إلى أن الوزارة تمنح قروضاً تتراوح بين 20 إلى 50 مليون دينار لأصحاب المعامل والمصانع في القطاع الخاص، بشرط تشغيل العمال العراقيين وإدراجهم ضمن قانون الضمان الاجتماعي.
من جانبه، لم يخفِ رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ستار الدنبوس، تفاقم معاناة العمال والتحديات التي تواجههم من حيث ساعات العمل والأجور وغيرها.
ويؤكد، لوكالة شفق نيوز، أن العمال في العراق يواجهون ضغوطاً كبيرة نتيجة تراجع الامتثال من قبل أصحاب العمل لشروط العمل المنصوص عليها في القانون، بما فيها شمول العاملين بالضمان الاجتماعي والحقوق الوظيفية الأساسية، مشيراً إلى أن نسبة الالتزام لا تتجاوز الحد الأدنى المطلوب في العديد من القطاعات، خصوصاً في القطاع الخاص.
اما النقابيّة علياء الربيعي إشارات إلى مجموعة من المطالب والتوصيات التي يمكن ان تعالج واقع العمال المتردي في العراق من خلال مراقبة تطبيق القوانين العمالية وتعزيز دور النقابات في حماية حقوق العمال. مع ضرورة فرض الرقابة على المؤسسات الخاصة، ومنع إنهاء الخدمات دون مبررات قانونية. وإلزام أصحاب العمل بعقود رسمية وضمان اجتماعي. إضافة إلى إطلاق حملات تفتيش لمنع عمالة الأطفال، وتوفير تعليم مجاني وجاذب للفئات الفقيرة يرافق ذلك ايضا تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، وتوفير بيئات عمل آمنة تراعي خصوصية النساء.