حمايات المسؤولين.. الاعتداء على الصحفيين ما زال مستمراً

صوتها – بغداد

تقع حوادث الاعتداء على الصحفيّين في كلّ دول العالم، ولكن ما يميّزها في العراق أنّ حمايات المسؤولين الحكوميّين والنوّاب هي التي تمارس العنف ضدّ الصحفيّين وتلحق بهم الأذى الماديّ أو الجسدي أو المعنوي، الأمر الذي يجعلها ظاهرة “عراقيّة” بامتياز. وإنّ أقرب الحوادث زمناً، اعتداء حماية رئيس الوزراء حيدر العبادي على صحفيّين وإعلاميّين أثناء زيارته لمدينة النجف في 7 كانون الثاني من العام 2018، الأمر الذي اضطرّ بمكتب العبادي إلى إعلان فتح تحقيق حول الحادث، فيما رحبت نقابة الصحفيّين العراقيّين بالقرار، وأشار نقيب الصحفيّين العراقيّين مؤيّد اللاّمي إلى أنّ “النقابة تتبنّى متابعة التحقيقات ونتائجها، وتلاحق المعتدين على الصحفيّين قانونيّاً، وتعد هذا الأمر من صميم واجباتها”

وفي مسلسل السلوك العنفيّ لحرّاس المسؤولين ضدّ الصحفيّين، اعتداء حماية محافظ الموصل في تمّوز 2017 على فريق عمل قناة “الموصليّة الفضائيّة” ومصادرة معدّاته الصحافيّة، ودان المرصد العراقيّ للحريّات الصحافيّة ذلك. وعلى الشاكلة ذاتها، بيّن المرصد العراقيّ للحريّات الصحافيّة في 5 آب 2017 أنّ عناصر من أمن الداخليّة اعتدت على صحافيّ بالضرب في وسط بغداد.

كما أنّ أفراداً في فوج حماية العبادي اعتدوا في 29 آذار 2017 أمام عشرات المواطنين، على صحفيّ بالضرب المبرح عند بوّابة المنطقة الخضراء الحسّاسة، حيث يقع مقرّ الحكومة في بغداد.

وذلك، سجّل “المركز العراقيّ لدعم حريّة التعبير” في 1 كانون الثاني حالة الانتهاك الأولى ضدّ صحفي في عام 2018 بمحافظة ذي قار، في اعتداء أفراد أمن الداخليّة عليه أثناء تغطيته احتفالات رأس السنة.

هذه الحوادث هي أمثلة عن اعتداءات أخرى كثيرة على الصحفيّين حدثت في 26 كانون الأوّل من العام 2017 حصيلة عامّة حول الانتهاكات بحقّ نحو 200 صحفي ممّن تعرّضوا للاعتداءات بين (الضرب، المنع، التهديد، الطرد، الحجز من دون مذكّرة قضائيّة، مهاجمة مكاتب المؤسّسات الإعلاميّة، عمليّات الاغتيال، القتل، مصادرة أدوات الصحفي، والمقاضاة بسبب النشر). ولقد دفع تضخّم عدد المعتدى عليهم بالنائب الأوّل لرئيس مجلس النوّاب همام حمودي في 3 أيّار من العام 2017 إلى الدعوة لـ”تفعيل قانون حماية الصحفيين، بما يضمن حرية تعبيرهم وآرائهم”، مطالباً الجهات الحكوميّة بـ”حفظ سلامتهم”.

وفي حين ينصّ هذا القانون في ما ينصّ من فقرات تسهّل عمل الصحافيّ وتحميه من الاعتداءات، منها “معاقبة كلّ من يعتدي على صحفي أثناء تأدية مهنتـه”، فإنّ “نقيض هذا القانون” بحسب الخبير القانونيّ طارق حرب، ما يرد في قانون العقوبات العراقيّ المعدّل رقم 111 لسنة 1969 في المادّة 225 منه، والتي تتضمّن عقوبة السجن مدى الحياة ومصادرة الأموال لمن يدان بإهانة رئيس الجمهوريّة أو أيّ شخصيّة أخرى، بحيث يمكن تفسير أيّ خبر أو مقال انتقاديّ بأنّه إهانة”.

وأشار طارق حرب إلى أنّ “قانون حماية حقوق الصحفيين يعتبر الصحافيّ منتسباً إلى وظيفة عامّة، حتّى في حالة عمله خارج مؤسّسات الحكومة. ولهذا، فإنّ الاعتداء عليه، هو اعتداء على موظّف أثناء تأديته المهمّة الموكلة إليه”، موضحاً أنّ “اعتداء أفراد الأمن أو الحمايات على الصحافيّ يعتبر أيضاً جريمة حقّ عام لا يمكن التنازل عنها، إلاّ بعد تنفيذ الإجراءات العقابيّة الرادعة بحقّ المعتدي”، وقال: “كلّ هذه القوانين ما زالت حبراً على ورق في أغلب الحالات، وإنّ القليل منها يمثل أمام محاكم الجنح والجنايات، رغم الحوادث الكثيرة”.

بدوره، لفت مدير المكتب الإعلاميّ لنائب رئيس الجمهوريّة نوري المالكي الكاتب والإعلاميّ هشام الركابي إلى أنّ “اعتداء أفراد الحمايات والأمن بدأ منذ دخول القوّات الأميركيّة إلى العراق خلال عام 2003، حيث تعرّضت طواقم صحفية عدّة للقتل والإصابات المختلفة، إثر تعرّضها لاعتداءات، وما زال المسلسل مستمرّاً إلى الآن”، وقال: “إنّ حياة الصحفيين في العراق ستبقى معرّضة للخطر، إذا لم يتمّ تفعيل الإجراءات الأمنيّة والقانونيّة، التي تحول دون استمرار الظروف ذاتها”.

واقترح هشام الركابي الخطوات الأولى لإزالة مخاطر التهديدات لحياة الصحفيين بـ”إجراء تحقيق محايد ومستقلّ وشفّاف بمشاركة القضاء والمجتمع المدنيّ حول ملابسات الاعتداءات التي تطال الصحافيّين ونشر نتائجه للرأي العام واتّخاذ الإجراءات الكفيلة التي تمنع تكرارها”.

شاهد أيضاً

التعنيف اللفظي والنفسي.. كابوس لم يُسلط الضوء عليه

آية منصور تبدو التربوية انتصار محمد، قلقة على بعض طلابها الذين وفي كل عام دراسي، …

error: Content is protected !!