ذوو الإعاقة تحدي كبير يواجه السلطتين التشريعية والتنفيذية

وفاء الفتلاوي

على الرغم من انفراج الكثير من الأزمات والمشاكل التي يعاني منها العراق لا سيما السياسية منها والأمنية والاقتصادية الا ان هاجس الإعاقة مازال يؤرق اغلب البيوتات العراقية التي ذاقت مرار الحروب والهجمات الإرهابية مخلفة جيلاً من ذوي الإعاقة.
وبحسب دراسة حديثة يشكل الأشخاص ذوي الإعاقة أكبر أقلية في العراق بنسبة 80% منهم في سن العمل.
ووفق آخر إحصائية لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فإن مليونا 389 ألفا و916 شخصا مسجل ومشمول برواتب شبكة الحماية الاجتماعية؛ إذ بلغ إجمالي المبالغ المصروفة للمشمولين برواتب شبكة الحماية الاجتماعية في 2020، تريليونين 410 مليارا و978 مليون دينار عراقي.
ويعاني ذوي الإعاقة في العراق من نقص في التعليم، والعمل اللائق، والحماية الاجتماعية، والقدرة على مجابهة الكوارث والتخفيف من آثارها، والصرف الصحي، والنقل، وعدم التمييز وغيرها من الأمور.
في مجال التعليم، يعاني الأشخاص ذوي الإعاقة من عدم توفر المدارس الملائمة للدمج التربوي الشامل وفق المعايير الدولية، وكذلك في مجال العمل، يعاني غالبيتهم من البطالة بما فيهم ذوي المؤهلات.
وتقدر نسبة ذوي الإعاقة بحسب إحصاءات الأخيرة غير رسمية بنحو 13 في المائة من أصل عدد السكان الذي يزيد عن 40 مليون نسمة، وأن هذه النسبة إلى ارتفاع في ظل استمرار المسببات كحوادث السير والجرائم المنظمة التي شهدها العراق وغير ذلك، وتسعى الحكومة العراقية في ظل القيادة الجديدة الى تحقيق العدالة لهذه الفئة الضعيفة من حيث تأمين الحالة المعيشية والوضع الصحي للمعاق.
على ضوء ذلك باشرت كوادر الجهاز المركزي للإحصاء، في آب 2023، بتنفيذ المسح الوطني لقياس مؤشرات اداء الوظائف والخصائص الديموغرافية والاجتماعية لذوي الإعاقة في العراق لدعم الشرائح الهشة في المجتمع.
كما كشفت هيأة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن إعداد ستراتيجية لذوي الإعاقة.
وقالت رئيس الهيأة ذكرى عبد الرحيم، إن الهيئة تعمل على وضع ستراتيجيتها بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، بالاعتماد على تحليل واقع ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة.
وأوضحت، أن الستراتيجية تسعى لدمج دائرة الاحتياجات الخاصة في الهيئة بانتظار تشريع قانونها للبدء بتعليمات جديدة والتعاون مع الوزارات المعنية وتحديد المهام التي تقع على عاتق كل منها في مجالات كالتربية والتعليم العالي والبحث العلمي في تمكين الوصول للتعليم في المدارس الحكومية والأهلية والجامعات.
وأشارت عبد الرحيم، إلى أن الهيأة تتعاون مع وزارة النقل في توفير باصات محوَّرة في بغداد والمحافظات، كما أنها تتعاون مع المحافظين، ومع مجلس الخدمة الاتحادي في تحقيق نسبة الـ5 بالمئة من التعيينات لشريحة المعاقين في القطاعين العام والخاص.
الى ذلك تعمل الهيأة مع وزارة الصحة على إعداد خطط للوقاية منها أو قبل حدوثها بالنسبة للحوامل وإعطاء اللقاحات بشكل كامل ومنح الشهادات الصحية للأسر.
ولتمكين ذوي الإعاقة، وجه وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، بتذليل كافة العقبات وتقديم التسهيلات اللازمة لتمكين ذوي الإعاقة من إقامة مشاريعهم الخاصة.
وفي مجال القـوانين الخاصة بالأشخاص ذوو الإعاقة، فإنها بحاجة ماسة إلى التفعيل والتشديد على معاقبة المخالفين لها، حيث دعا رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، الحكومة الى إعادة ارسال مشروع قانون رعاية ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة.
وخاطب المندلاوي الحكومة بضرورة إعادة إرسال مشروع قانون التعديل الأول لقانون رعاية ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة رقم (٣٨) لسنة ٢٠١٣، الذي وصل إلى مرحلة التصويت داخل مجلس النواب قبل سحبه من قبل الحكومة، والذي من شأنه ضمان حقوق هذه الشريحة وتوفير حياة كريمة لها.
ناشطون اكدوا ان غالبية ذوي الإعاقة يعانون من البطالة، وذلك نتيجـة عدم تفعيل المادة المتعلقة بتخصيص 5% من وظائف القطاع العام و3% من وظائف القطاع المختلط وفقا لقانون رعاية ذوي الاعاقة، رقم 38 لسنة 2013.
وقالت الناشطة رغد خليل، ان “ذوو الإعاقة بحاجة ماسة إلى التفعيل القوانين لحمايتهم من البيئة الاجتماعية وتسهيل اليات التعامل مع الاخرين خاصة في دوائر الدولة والقطاع الخاص؛ لكن تظل أزمة غياب الإرادة السياسية عن تحقيق مطالب الأشخاص ذوي الإعاقة هي حجر الزاوية في تفاقم تلك المشـكلة”.
وأضافت “كما يحتاج ذوو الإعاقة الى برامج تمكين وتدريب توفرها الدولة للحد من انشار الامية والجهل وتمكنيهم”.
من جانبه قال الناشط ثائر السعدون، ان “ذوي الإعاقة يعانون من انعدام وسائل النقل واستخدام المرافق العامة بسبب عدم توفر مركبات مؤهلة عامة وخاصة مما يشكل لهم عائق كبير في الية التحرك”.
واكد الحاجة الى “تأمين مدارس خاصة تعنى بذوي الإعاقة خاصة من المصابين بمرض التوحد والعوق الذهني ووضع منهاج تتناسب مع حاجاتهم العقلية والادراكية بدلا من وضع صف واحد في المدرسة”.
ورغم تصدي الحكومة لهذا الملف وسعيها الحثيث لإيجاد سبل الراحة، الا انها ومجلس النواب يتعرضان لانتقادات كبيرة بشأن إهمال ملف ذوي الإعاقة، وعدم الاهتمام بهم، وقالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، زينب البياتي، إن “شريحة المعوّقين من أكثر الشرائح المهملة في البلاد، في وقت هي من أكثر الشرائح التي تحتاج إلى دعم ورعاية خاصة، إلا أنها تعاني العوق والإهمال”.
واكدت، أن “الحكومة تعد دائما باستراتيجيات جديدة وخطط جديدة لرعاية شريحة المعوّقين وتقديم الدعم لهم، إلا أن تلك الوعود لا يتم تطبيقها”.
ويبقى ملف ذوي الإعاقة تحدي كبير يواجه السلطتين التشريعية والتنفيذية لدمجهم وتمكينهم في المجتمع.

شاهد أيضاً

العام الدراسي الجديد.. مدارس مزدوجة ومخاوف من عودة المحظور

وفاء الفتلاوي ينطلق العام الدراسي الجديد، وسط نقص حاد للمدارس واستمرار الدوام المزدوج وتأكيدات من …

error: Content is protected !!