An illustration showing the effects of domestic violence. According to the Family Advocacy Program, more than 18,000 cases of domestic violence were reportedin 2013. (U.S. Air Force photo by Senior Airman Rusty Frank/Released)

“العنف الاسري” تحت مجهر القانون يصارع لإيقافه قانونيا ومجتمعيا

صوتها – قضايا

 

تتغاير صور العنف الاسري في العراق، ما بين البدني والذهني الذي يُمارس من قبل رب الاسرة على عائلته بوسائل شتى، هذه الوسائل تجر خلفها افات متعددة تهدد الاسرة منها التفكك الاسري والانتحار والانسلاخ عن العائلة.

 

وفي خضم حرصه على مواكبة مشاكل المجتمع ومعالجتها كان لمنتدى الاعلاميات العراقيات، ندوات متعددة متخصصة للحد من العنف الاسري و اقرار قوانين تمنعه، اذ اطلق المنتدى حملته اواخر العام المنصرم، للتوعية بأهمية التعجيل بإقرار مشروع قانون الحد من العنف الاسري .

ووفقاً للدراسة التي قام بها منتدى الاعلاميات العراقيات على 900 عينة عشوائية موزعة على كلا الجنسين (ذكور واناث ) في ثلاث مدن هي بعقوبة و بغداد والديوانية فإن 79% من المبحوثين تعرضوا للعنف وصوت 40% من المبحوثين ومعظمهم من النساء يؤكدن ان الزوج هو من يمارس العنف ويرى 35% ان الاب هو المسؤول فيما يؤكد 23% ان الاخ هوالمسؤول ، كما صوت 59% من المبحوثين تعرضوا للضرب من قبل اسرهم وكان اغلبهم من النساء و 71% من المبحوثين يؤكدون وجود تفضيل بين الذكور والاناث داخل الاسرة واكد 63% من المبحوثين اصابتهم بعاهات نفسية وجسدية بسبب تعرضهم للعنف، وصوت 30% من المبحوثين بان العنف اللفظي هو من اساليب العنف الذي يمارس ضد الاطفال و24% يرون الصفع على الوجه و19% يرون الركل بالقدم و19% التخويف والتهديد و 8% يرون من اساليب العنف ضد الاطفال كي اليدين والجسم والترويع وربط اليدين والضرب بكل انواعه.. ومن خلال ربط متغير الذين تعرضوا للضرب من قبل اسرهم مع البيئة اتضح ان الذين اجابوا بنعم اكثر في البيئة العشائرية بنسبة 37% وتليها في البيئة المتدينة بنسبة 25% كما صوت 68% تعرضوا للعنف اللفظي بسبب المطالبة بحرية التصرف والفكر والامور المادية.

8% من المبحوثين ممن تعرضوا للضرب تقدموا بشكاوى الى مراكز الشرطة بينما 92% لم يقدموا شكاوى الى مراكز الشرطة بسبب الخوف من الاهل والعائلة والحفاظ على السمعة، و 84% من المبحوثين اكدوا ان اكثر ممارسة للعنف هو الرجل وان النساء يتعرضن للضرب والاهانة والايذاء النفسي  و 32.% من المبحوثين يرون  ان العنف الاسري يؤدي الى عدم الشعور بالامان و22% فقدان الثقة بالنفس و21% يرون عدم القدرة على الاندماج في الحياة و16% غياب التربية الصحيحة و6% الانحراف و3% امور اخرى كالتفكك الاسري والامراض النفسية والهروب والانتحار، وحول سؤال المبحوثين ان كانوا قد شهدوا حالة اغتصاب او تحرشات جنسية على احد افراد الاسرة من قبل احد افراد الاسرة اجابوا 44% ب لا, 22% ب نعم ,34% ب لااعلم، وعند سؤال المبحوثين عن رايهم في ايجاد اماكن آمنة لضحايا العنف الاسري تقوم بدعم الضحايا نفسيا وجسديا اجابوا 71% ب نعم و7% ب كلا و22% ب لااعلم.

أما  المواد القانونية فتوضح الدكتورة بشرى العبيدي رئيسة قطاع القانون في الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة، ان المادة 9 من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 والتي تنص على انه “لا يحق لأي من الاقارب او الاغيار اكراه اي شخص ذكر او انثى على الزواج دون رضاه ويعتبر عقد الزواج بالإكراه باطلا”، بما يوضح واحد من اساليب العنف الاسري الذي يمارس في المجتمع.

 

  • إنطلاقا من نص المادة (29) من الدستور يثار التساؤل الآتي: أين حقوق المرأة والطفل داخل الأسرة العراقية؟

فبحسب “مسح صحة الأسرة العراقية للمدة 2007-2016” (IFHS) ذكرت بأن واحدة من كل 5 نساء عراقيات تتعرض للعنف الأسري البدني، وتوصلت دراسة لوزارة التخطيط صدرت عام 2012 الى أن 36 بالمئة على الأقل من النساء المتزوجات أبلغن بالتعرض لشكل من أشكال الأذى النفسي من الأزواج، وأبلغت 23 بالمئة بالتعرض لإساءات لفظية، وأبلغت 6 بالمئة بالتعرض للعنف البدني، و9 بالمئة للعنف الجنسي. وفي حين لا تتوفر دراسات وطنية أحدث، تستمر منظمات حقوق المرأة في الكشف عن معدلات عالية للعنف الأسري. إضافة إلى حالات الاعتداء التي لاتعد ولاتحصى على الاطفال من قبل أحد الابوين داخل الاسرة العراقية والتي دونت في سجلات محاكم الأحوال الشخصية والجنائية الأمر الذي ولد مخاوف من تفاقم الظاهرة في ظل غياب القوانين الرادعة.

 

لابد من الإشارة إن العنف لايعني فقط الضرب والاعتداء الجسدي، وإنما أيضاً العنف (النفسي، الجنسي، الاجتماعي، الاقتصادي والمادي)، فالعنف الجسدي: هو العنف الأكثر شيوعاً، لأن دلالاته واضحة، ولكن بالتأكيد هناك أنواع أخرى من العنف لا تقل تأثيراً عنه، مثل العنف النفسي: الذي يشمل كل المحاولات لإحباط الآخر والإقلال من أهميته وإهانته المتكررة، أما العنف الجنسي: فقد تداخلت فيه الكثير من الأمور مثل: الهجر وعدم التقرب، الإزدراء والتهكم على التغيرات الفسيولوجية واستغلالها للحط من قدر الشريك، والعنف هنا يكمن بالإمتناع والإبتعاد، أو الإجبار على الفعل الجنسي رغم عدم توفر الرغبة لدى الآخر، ويأتي بعده العنف الإجتماعي: الذي تقوم به المجموعة من عزل واضطهاد وازدراء اجتماعي، وأخيراً العنف الاقتصادي والمادي: وهو العنف الذي يمارس ضمن إطار العائلة.

 

إن العنف الأسري يؤثر تأثيراً مباشراً على كل أفراد العائلة، ولذلك فإن الدول التي تجرم العنف بقوانينها أصبحت تجرم تعرض الأطفال إلى العنف غير المباشر، أي عندما يقوم الأب بضرب الأم بوجود الأطفال، فيصبح الجرم مضاعفاً (حتى وإن لم يكن الأطفال جزءاً منه)، لأنه يصيبهم بالضرر.

 

وكيف للمرأة والطفل العراقي أن يطالبوا بالحماية في ظل مجتمع ونظام قانوني يجيز ذلك، حيث إن الموروث العشائري يحط من كرامة المرأة ويجعل منها وسيلة لحل النزاعات العشائرية كما حدث في حل نزاع مابين عشيرتين في البصرة مقابل 50 إمرأة وحالات عديدة مشابهة.

 

ومن جهة القانون، فقد نصت المادة 41/1 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل “لاجريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق: (1- تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الاولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً او قانوناً او عرفاً)”.

 

أي أن افعال الضرب والعنف التي يمارسها الزوج تجاه زوجته والاباء تجاه أبنائهم استناداً للمادة المذكورة تعد من قبيل استعمال الحق والذي يعد بدوره سببا من أسباب الإباحة، والتي بمقتضاها لا يمكن مساءلة الزوج أو الأبوين جزائياً ولا مدنيا عما يقع من إعتداء مادام قد استخدموا حقهم المنصوص عليه قانونا بموجب المادة سابقة الذكر.

 

واشتراط ان يكون التأديب في حدود المقرر عرفا وشرعاً وقانوناً، وهذا يعني انه اذا اطلقنا حدود السماح العرفي “طبقا للمادة القانونية” يعد التصرف العشائري ضمن حدود العرف.

 

استنادا إلى هذه المعطيات كان لابد على المشرع العراقي أن يأخذ الموضوع على محمل الجدية والاهتمام والإسراع في وضع تشريع يحد من العنف الأسري. وفعلا تم طرح مشروع قانون الحماية من العنف الأسري من قبل لجنة المرأة والاسرة والطفولة البرلمانية عام 2015 على مجلس النواب وتم قراءته للمرة الأولى والثانية في جلسته الاعتيادية الرابعة للفصل التشريعي الثاني من السنة التشريعية الثالثة للدورة النيابية الثالثة التي عقدت برئاسة الدكتور سليم الجبوري رئيس المجلس وبحضور 222 نائبا يوم الاثنين 16/1/2017، ونحن نناشد مجلس النواب للإسراع في تشريع هذا القانون لضرورته الملحة والحد من هذه الجرائم بحق الاسرة العراقية.

 

إلا إن هذا المشروع اختص بحماية المرأة فقط داخل الاسرة ولم يشر إلى الطفل داخل الاسرة وكان من الاجدر أن يشمل القانون المرأة والطفل كون الطفل يحتاج إلى الحماية أكثر من المرأة فهو كائن لاحول له ولا قوة.

 

من جهتها أعلنت الامم المتحدة، اليوم الثلاثاء، عن اطلاق مبادرة “شراكة المسؤولية الفعلية” في العراق، بالتعاون بين ست منظمات إنسانية معنية بموضوع العنف ضد النوع الاجتماعي.

وذكرت الامم المتحدة في بيان صحفي ان “المجتمع الإنساني أطلق (شراكة المسؤولية الفعلية)، وهي شراكة بين منظمات مختلفة من أجل الاستجابة للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في حالات الطوارئ”.

 

 

 

شاهد أيضاً

التعنيف اللفظي والنفسي.. كابوس لم يُسلط الضوء عليه

آية منصور تبدو التربوية انتصار محمد، قلقة على بعض طلابها الذين وفي كل عام دراسي، …

error: Content is protected !!