ضربات القدر

 طباشير رئيسة التحرير

نبراس المعموري
تقلب وريقات الذكريات، عند الركن المميز في منزلها،  تترك الاوراق فجأة، وتنتقل للتلفاز، تفتش عن مسكن جديد، يزيح عتمة حزن رحيل والدها، في لحظة انتبهت لصوت تعرفه جيدا.. كان نصير شمة يتحدث عبر التلفاز عن حياته وتطلعاته، وما الذي يستحق ان يسعى الانسان من اجله.
استوقفها مثال سرده شمة كما تسرد القصص؛ فكان يتحدث عن الموسيقار الكبير بيتهوفن، و قصة صاحب الدار الذي استأجر منه بيتهوفن غرفة ليسكن فيها.. تخيلوا  لا يملك دارا؟ الاهم من كل هذا الوصف الذي رسمته مفردات شمة لحالة الموسيقار، عندما تأخر بتهوفن عن دفع الإيجار، وبعد مطالبة صاحب المنزل بالإيجار لمرات عدة، بدأ بيتهوفن يتهرب منه، ولم يكن يرد على أي شخص يطرق عليه الباب؛ تحسباً أن يكون صاحب البيت جاء ليأخذ الإيجار المتأخر.
كان صاحب الدار يطرق الباب بمنتهى العنف والقوة!! دفعة من الطرقات متتالية، ادت الى ان يتحول الرعب الذي عاشه بيتهوفن الى ابداع منقطع النظير، وبدل من فتح الباب، قفز بيتهوفن الى البيانو الموجود في وسط الغرفة… وأخذ يعزف مع الطرقات… كلما سمع دفعة من الطرقات (4 خبطات)، أتبعها بأربع نغمات على البيانو وتوقف.. ثم أربعة اخرى؛ فكانت السيمفونية الخامسة لبيتهوفن!
 انتهى شمة من قصته.. وهي تتابع بشغف كبير وعيناها تترقرق بالدموع؛ لان القصد من القصة ان الانسان الحقيقي،  تتشكل من اوردته وحواسه خلية انسانية تختلف عن الاخرين، والشعور بالاخر لا يسعفه مال و جاه فركيزته ان تؤمن بالانسان اولاً….
ضربات القدر كانت سيمفونية الموسيقار العظيم، التي ولدت من رحم معاناة دفع الايجار، اما ضربات القدر التي انضدها الان فولدت يوم قررت ان اعزف سيمفونيتي الاعلامية، واؤسس منتدى الاعلاميات العراقيات، اعابني البعض، وحاربني، واتهمني بشتى التهم.
ست سنوات كفيلة بالرد.. خطوات حذرة برفقة زميلاتي في المنتدى، لم يكن هاجس الخوف عنواني؛ بل كان هاجس الاستمرار اولى عناوين التأسيس، ايام واشهر وسنوات.. دروس وعبر.. حزن وفرح.. فشل ونجاح؛ فرغم كل الحروب كان العزف على اوتار العمل اكبر رد لصانعي الدسائس.
كثيرا ما كنت اعيب طيبة والدي المفرطة، لكنني ايقنت بعد وفاته ان لطيبته ثروة يقيمها من هو اكبر من الجميع! فطيبته اسعدت الاطفال والمحتاجين والمختلفين، وهذه الطيبة لا تختلف عن ما فعله بيتهوفن؛  عندما حول  ابشع لحظات حياته، الى موسيقى تذهل مسامع الاخرين وتطربهم، و ارتضى ان يعيش بؤس الحياة..  سعيدا لسعادة الاخرين!
سعيدة؛ لان منتدى الاعلاميات العراقيات اصر ان يكون خيمة الاعلاميات.. كل عام وانتن بالف خير

شاهد أيضاً

هل يكفي 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة؟

د.نبراس المعموري قصة الشقيقات الثلاث باتريا ، ومينيرفا ، وماريا تيريزا ميرابال اللاتي قتلن في 25 …

error: Content is protected !!