المونديال وابجديات التغيير

صوتها/طباشير

نبراس المعموري

تتوحد الشعوب في حبها لكرة القدم.. تفاوتاً.. تعمقه تقنية الاتصال ومواقع التواصل؛ حتى امست ظاهرة اجتماعية وسياسية غلبت بمنظورها التفاعلي انماطا اخرى.. فردية وجماعية.

و برغم ملفات الضجر الذي يعاني منها الفرد العراقي، متوجة بخيبات سياسية، لابعد تصورات قيام الدولة، يتساءل الكبار والصغار.. من كلا الجنسين، متناقشين: كيف لعبت المانيا؟ وماحققه المنتخب الياباني، واي حظ لعين رافق البرازيل! هذه العبارات وغيرها.. ابرز عناوين مواقع التواصل، فالمونديال عكس و بجدارة مدى إقبال الشعوب على لعبة كرة القدم، وبذلك اكدت الظاهرة الكروية القدمية انها ليست مجرد لعبة تسلية بل ثابت محوري..

نفسياً وإجتماعياً، يؤثر بتفاعل الفرد مع المجتمع. في لعبة كرة القدم يتقدم من كان ضعيفا ويتراجع من كان قويا، ولعل هذه العادلة بحد ذاتها هي مبعث اطمئنان لمجتمعات ظلت تراهن على التغيير المصحوب بعدالة الاجراءات والخطوات والنتائج.

مايميز مونديال 2018 سخونة المشهد السياسي العراقي المرهون بموقد زاد من حدة الاحتدام، الا وهو الانتخابات ببعدها التزويري الذي صار عنوان سخرية قدر العراق المعاصر، يرافق ذلك مجتمع متابع بشغف وانتظام للمونديال، وترجمة ما تمخض عن تلك اللعبة وغيرها عبر مواقع التواصل.

هذا يؤكد ان الفرد العراقي وصل مستوى معرفيا راقيا، يعود الفضل فيه الى الواقع الاستثنائي الذي يعيشه، ربما هو الشعلة الاولى لايصال رسائل السخرية من مجتمعات السياسة بكل تصنيفاتها الحزبية بلون رياضي مميز.

ومن ابرز تلك التحليلات الفيس بوكية الواقعية بانه مهما اختلفت الإمكانيات بين الفرق، فكل منها تمثل بعدد محدد من اللاعبين، ويمكن للصغير منهم أن يهزم الكبير، والضعيف أن ينال من القوي، ومن فى ذيل القائمة يسقط من يعتلى صدارتها. قبل يوم تابعت ما تداولته مواقع التواصل بشان تعيين حكم أمريكي لقيادة مباراة إنجلترا ضد كولومبيا، التي يربطها تاريخ طويل من النزاع السياسي مع الولايات المتحدة ولعل مجرد التعبير عن الراي ببعد سياسي ومن قبل متابعين ومشجعين هم اساسا ليسوا بريطانيين هذا تاكيد على ان لعبة كرة القدم، غيّرت الثقافة العامة للمجتمعات، كما عبَر مشجعون عن خشيتهم على المنتخب الاسباني بالا ينعكس استفتاء استقلال إقليم كاتالونيا على بلوغهم المونديال والذي سبق ان أحرزوا لقبه في العام 2010.

كل هذا وغيره متاح ومعلن على شبكات التواصل مصحوبا بمقارنات اجتماعية وسياسية داخلية، وبالتالي على سياسيينا ان يعوا جيدا، ان نوعية المدارس اختلفت ومنهجة الشعوب ضمن الية التصحيح السياسي اخذت دربها الحقيقي عبر الرياضة، وما كانوا يعوّلون عليه بسذاجة المجموع اخذ ينجلي؛ فمشجعو المستديرة الساحرة بمسماهم العراقي اختلفوا تدريجيا، والاختلاف هو بحد ذاته مأسسة لتوجهات مختلفة، عكستها عبارات التواصل وتحليل النتائج والعوامل التي قد توثر على هذا وذاك.

المونديال قفز على ابجديات التغيير بأن يصبح سلاحا جديدا للتثقيف وخلق جيلٍ ناشئ على حب الانسان الكوني المجرد من المعايير الفئوية.. اجتماعيا وسياسيا وجماليا.. كلها تتلخص بحركة كروية من أحد اساطير اللعبة على المستطيل الاخضر وتصفق له شعوب العالم كافة… هذه كرة القدم بمفهومها الجديد!

شاهد أيضاً

هل يكفي 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة؟

د.نبراس المعموري قصة الشقيقات الثلاث باتريا ، ومينيرفا ، وماريا تيريزا ميرابال اللاتي قتلن في 25 …

error: Content is protected !!